رحل إلى المشرق فسمع من جماعة من العلماء، منهم زكريا بن أبي زائدة، تابعي، ومالك، وسفيان الثوري، وغيرهم. وكان اعتماده على مالك لكنه يميل إلى طريقة أهل النظر والاستدلال. وكان مالك يكرمه ويرى له فضلا ويقول لأصحابه: «هذا فقيه أهل المغرب».
ويقال: إن مولده كان بالأندلس سنة خمس عشرة ومائة، ثم سكن القيروان وأوطنها، ثم رحل إلى المشرق فلقي من ذكرنا ونفعه الله عزّ وجلّ بهم.
عن سحنون أنه نظر في رسالة مالك إلى ابن فروخ - وكان ابن فروخ قد كتب إلى مالك يخبره: «إن بلدنا كثير البدع، / وأنه ألّف لهم كلاما في الرد عليهم» - فكتب إليه مالك في الرسالة: «إنك إن ظننت ذلك بنفسك خفت أن تزل أو تهلك. لا يرد عليهم إلا من كان ضابطا عارفا بما يقول لهم، ليس يقدرون أن يعرجوا عليه، فإن هذا لا بأس به. وأما غير هذا فإني أخاف أن يكلمهم فيخطئ فيمضوا على خطئه أو يظفروا منه بشيء فيتعلقوا [به] ويزدادوا تماديا على ذلك».
قال عبد الله: أشفق مالك، رضي الله تعالى عنه، أن يكون ذلك سببا لإظهار طريقة الجدل بإفريقية فيؤدّي ذلك إلى أسباب يخاف من غوائلها ولا يؤمن شرها، فأراد حسم الباب.
ولمّا رحل إلى المشرق ولقي من ذكرناه من أهل العلم ونفعه الله عزّ وجلّ بهم.
رجع إلى إفريقية فأوطنها وأقام بها يعلم الناس العلم ويحدثهم بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى انتفع به كثير، ثم رحل إلى المشرق لما ألح عليه عبد الله بن عمر بن غانم قاضي