رياض النفوس (صفحة 200)

ولقي ابن أنعم عيسى بن موسى الهاشمي بالكوفة، فقيل لعيسى: إن من حال هذا الرجل كذا ومن حاله كذا. فقال له عيسى: «ما منعك من إتياننا؟ » فقال له: «وما أصنع عندك؟ إن أتيتك فأدنيتني فتنتني، وإن أقصيتني أحزنتني.

فليس عندك ما أرجوه ولا عندي ما أخافك عليه».

وعن ابن أنعم قال: «من دخل على سلطان ظالم يتقيه فقال: «اللهم إني أستعينك عليه وأدفع بك في نحره وأعوذ بك من شره»، إلا صنع الله تعالى به ذلك».

سمعت أبا موسى عيسى بن مسكين يقول: كان ابن أنعم بالعراق، فأرسل إليه أهله كتابا من إفريقية، فلما فتح الكتاب تغير لونه واصفر، فما فرغ من قراءة الكتاب حتى رؤي السرور في وجهه واحمر ورجع إليه لونه. فقال له أصحابه الذين حوله: «أصلحك الله، لقد رأينا منك عجبا: رأيناك لما فتحت الكتاب وقرأته تغير لونك، ثم لم تفرغ من قراءته حتى رجع إليك لونك».فقال لهم:

«نعم، لما قرأت أول الكتاب قرأت سلام أهلي ومالي وولدي فتغير لذلك لوني واغتممت، إذ لم يذكرني الله عزّ وجلّ بمصيبة؛ ثم قرأت آخر الكتاب فذكروا:

إنك ابتليت بكذا ومات لك كذا ومات لك كذا، ففرحت بذلك».

ولما ولى القضاء وسار بالعدل ولم يقبل من أحد صلة ولا هدية، نزّه نفسه عن ذلك فرفع الله قدره وأعلى مناره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015