أبو عثمان المعافري قال: كنت يوما عند ابن أنعم وهو يتنفس الصعداء حتى أتاه شاب ومعه مخلاة بصل، فأسر إليه كلاما، فأسفر وجهه - يعني استبشر - وقال لمن كان بحضرته: «قل لهم - يعني أهله - يبعثوا إلينا بشيء من البصل مع الفول الذي كنتم طبختموه البارحة»، فبعثوا إليه بذلك، فقال لي: «يا أبا عثمان، كل»، فقلت له: «لا»، فقال لي: «ولم، يا أبا عثمان؟ أظننت ظنا؟ » فقلت:
«نعم» فقال: «أحسنت، يا أبا عثمان. إذا رأيت الهدية دخلت دار القاضي من باب الدار، فاعلم أن الأمانة قد خرجت من كوة داره. وليس هذا هدية، إنما أتاني به مولاي من ضيعتي».قال أبو عثمان: فقلت له: «إني رأيتك مغموما، فلما أتاك هذا الغلام انطلقت واستبشر وجهك» فقال لي: «إني أصبحت فذكرت بعد عهدي بالمصائب فخفت أن أكون نقصت من عين الله عزّ وجلّ، فلما أتاني هذا الغلام ذكر لي أن أكفأ عبيدي وأقومهم بضيعتي توفي، فزال عنّي الغم واسترحت».
وذكر أن امرأة من أهل القيروان كانت لها خاصة بحرمة يزيد بن حاتم أمير إفريقية، فدار بينها وبين رجل من أهل القيروان خصومة. واستدار الحكم لها على خصمها وكتب لها ابن أنعم قضية بحقها وختمه بخاتمه وأعطاه لها، فمضت به المرأة مسرورة إلى يزيد لعلمها بمسرته، فلما دفعت الكتاب إليه أخذه يزيد / ففض خاتمه وقرأه ثم رده إليها. فبكت المرأة وخافت أن لا ينفعها الحكم إذ فضّ