رياض النفوس (صفحة 1090)

شيخ مبارك كلّما قلنا إنّا قربنا منه لم نزدد منه / إلاّ بعدا.

قال أبو الحسن: ولم يكن (أحد) عند أبي إسحاق مثل ابن أبي زيد ولا أعزّ عليه منه. لكنه قد سدّ باب القبول عن نفسه، فما كان يقبل من أحد شيئا.

وكان يقول: ما تركت سائر القبول - يعني الهدية - إلاّ خوفا من شغل القلب، إذ لا بدّ لكلّ من قبل هديّة من المكافأة، وترك ذلك عندي أسلم، فقيل له:

فإن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقبل الهديّة، فغضب عند ذلك وقال: لا نشبه نحن النبي صلّى الله عليه وسلم، لو فعلنا نحن هذا لتمندلوننا.

قال الشيخ أبو الحسن الفقيه: دخلت يوما على الشيخ أبي إسحاق فلما رآني أقبل عليّ وقال لي: اذهب الساعة [ف‍] ‍أخرج الدم، فتوانيت، فصاح عليّ وقال: لا بدّ لك من خروج الدم، فإن كان يمنعك من خروجه اللّحم فاللّحم عندنا. قال: فمضيت في الوقت فأخرجت الدم، ووجه إليّ الشيخ ربع شاة، فلما كان بعد ذلك مضيت إليه فقال لي: يا بنيّ الحمد لله ربّ العالمين لو لم تخرج الدم لجرى عليك حادث عظيم. قال: وجئت بالدراهم معي ثمن الربع، فمددت يدي بالدراهم فقال لي ما هذا يا أبا الحسن؟ فقلت له - أصلحك الله تعالى -: حق الربع شاة، فوقع على قلبه من ذلك أمر عظيم وقال: إنما وجهته إليك على سبيل الهدية، فاحبس دراهمك فلو كان عندك أنت أيضا شيء ووجهت إلينا منه لقبلناه، فقلت له - أصلحك الله عزّ وجلّ - -: أنت لا تصل إلى اللّحم إلاّ بعد التعب والبحث، فحوّل وجهه إليّ وقال: يا أبا الحسن لو كانت فيه شبهة لعرفناها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015