رياض النفوس (صفحة 1086)

البتة، فلما رأى الرجل ذلك بكى فلما رآه أبو إسحاق قد بكى قال له: يا هذا الزيت الذي دهنت به التين من أين هو؟ فقال له - أصلحك الله عزّ وجلّ - اشتريته من السوق، فقال له: ارفع تينك. ولم يمنعه من قبوله إلاّ سبب الزيت الذي دهن به.

قال أبو الفضل عبّاس الزيات - وكان صالحا - قال لي أبو إسحاق:

قد فرغ الزيت فأحبّ أن تشتري لي حلالا، فأقمت أياما ألتمس له حتى أتى رجل براوية زيت له أصل [فأتيت له بالراوية وبصاحبها وقلت له: هذا زيت له أصل]، فقال لي: فأين صاحبه؟ فقلت له: بالباب، فقال: أدخله إليّ، قال: فدخل الرجل، فقال له أبو إسحاق: من أين هذا الزيت لك؟ قال: ميراث (من) أبي ورثناه (منه) أنا وأختان لي أخذ كلّ واحد منّا حقّه: ثم سأله عن أبيه (من أين صار له) فقال: ورثه من أبيه، ثم سأله من أين كان لجدّه؟ فتوقف ولم يجبه بشيء. قال أبو الفضل فقلت لأبي إسحاق: تكتاله - أصلحك الله تعالى -؟ قال: فسكت (عني) أبو إسحاق ساعة، ثم رفع رأسه إلى صاحب الزيت وقال له:

المعصرة التي عصرت / فيها هذا الزيت أهل القرية بأجمعهم يعصرون فيها؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015