رياض النفوس (صفحة 1059)

يقول في نفسه: بأيّ وجه ألقاه، وأيّ حرمة تكون لي إذا أمر بضربي وأهانني، فقام كأنه يساق إلي الموت بالسيف صبرا، وليس في وجهه نقطة من دم، فلمّا رآه الشيخ أبو الفضل قام إليه وسلّم عليه وعانقه وتبسّم في وجهه وقال له: ما هذه الغيبة؟ والله لقد أوحشتنا في غيبتك هذه، امض فصلّ بالناس فإني قد ضعفت اللّيلة عن القراءة. وأخذ بيده فمضى به وأدخله المحراب، فلم يصلّ بالناس حتى كادت نفسه تخرج من بين جنبيه حياء وحشمة، فلمّا انصرف الناس عدل إلى بيته فقال له الشيخ: سبحان الله العظيم! أنت اللّيلة ضيفنا وضيافتك واجبة علينا، [فافطر اللّيلة عندنا]، فأفطر الغدامسي والفتى معه على طعامه، فلمّا كان عند طلوع الفجر مرّ به الغدامسي / وهو يضم قشاشه، وقد عظم في نفسه الأمر، وقال (في نفسه) مالي وجه انظر به إلى وجه الغدامسي بعد هذا كلّه، فعدل إليه الغدامسي وسأله عمّا يريده، فقال له: أزمعت الانتقال إلى قصر شقانص أو قصر الطوب، فقال له والله لا برحت ولا خرجت مع الناس شبرا واحدا، اجلس يا بني ومدّ بكفيك إلى الله تعالى معي، ونعتقد توبة نصوحا من ذنوبنا، ونرغب جميعا إلى الله تعالى فيها، فما رأيت في هذه الحصون أكثر ذنوبا مني، وافتتح في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015