رياض النفوس (صفحة 1052)

اللّيل أنتظر ما يصنع بي حتى فتح باب السجن وحلّت قيودي وقيل (لي):

اخرج الساعة إلى المنستير.

وذكر عنه - رحمه الله تعالى - أنه سأل الله عزّ وجلّ أن يريه وليّا من أوليائه فرأى في منامه (كأن) قائلا يقول له: إذا كانت اللّيلة الآتية تبيت برّا من القصر فترى ما سألت، فلما كانت اللّيلة الآتية انخلس من القصر وبات برا، فلمّا كان في ظلمة اللّيل رأى نورا ساطعا في «قبة الرمل» قال:

فمشى إليه فإذا (في «قبة الرمل») شخص في أطمار وقد غلب نوره على سواد اللّيل، قال: فسلّم عليه، فردّ السلام وقال له: يا هذا ألا سألت الله عزّ وجلّ في العفو، فإنك إذا سألته في العفو أعطاك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ثم ولّى.

قال أبو محمد الجبيّ: جاء مرة السلطان معدّ - لعنة الله عليه - جائزا بالمنستير فنزل بها وضربت فازاته، فأرسل إلى الشيخ الغدامسي يسأله في الخروج إليه ليراه، فصعب ذلك على الشيخ، والرسل تأتي وراءه، فأسبغ الوضوء وركع ركعتين، فجاء رسول يجري وراء الرسل يخبرهم أن السلطان رحل، فقالوا له: أيش الخبر؟ فقال لهم: [بينما] السلطان جالس حتى دبّت عليه عقرب، فقال لهم: ارحلوا الساعة من هذا المكان، فمضى ولم يجتمع به.

وأما سخاؤه ومروءته / وكثرة صدقته (ومعروفه) فكثير، وإيثاره على نفسه وإشفاقه ورقة قلبه، وسلامة صدره:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015