يَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ الْجِمَاعُ، وَجَمِيعُ الْمُبَاشَرَاتِ بِالشَّهْوَةِ، فَإِنْ جَامَعَ ذَاكِرًا لِلِاعْتِكَافِ، عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ، بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، سَوَاءٌ جَامَعَ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ جَامَعَ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ.
فَأَمَّا إِذَا جَامَعَ نَاسِيًا لِلِاعْتِكَافِ، أَوْ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ، فَهُوَ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ.
وَرَوَى الْمُزَنِيُّ عَنْ نَصِّهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ مِنَ الْوَطْءِ إِلَّا مَا يُوجِبُ الْحَدَّ. قَالَ الْإِمَامُ: مُقْتَضَى هَذَا، أَنْ لَا يَفْسُدَ بِإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ، وَالْإِتْيَانِ فِي غَيْرِ الْمَأْتِيِّ إِذَا لَمْ نُوجِبْ فِيهِمَا الْحَدَّ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
قُلْتُ: نَصُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا إِذَا لَمَسَ، أَوْ قَبَّلَ بِشَهْوَةٍ، أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ مُتَعَمِّدًا، فَفِيهِ نُصُوصٌ وَطُرُقٌ مُخْتَلِفَةٌ، مُخْتَصَرُهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَوْ أَوْجُهٍ.
أَصَحُّهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: إِنْ أَنْزَلَ، بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَإِلَّا، فَلَا. وَالثَّانِي: يَبْطُلُ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ: لَا يَبْطُلُ مُطْلَقًا.
وَإِنِ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِذَا لَمَسَ فَأَنْزَلَ، لَا يَبْطُلُ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، لِأَنَّ كَمَالَ اللَّذَّةِ بِاصْطِكَاكِ الْبَشَرَتَيْنِ. وَلَا بَأْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ بِأَنْ يُقَبِّلَ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ وَالْإِكْرَامِ. وَلَا بِأَنْ يَلْمِسَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ.
فَرْعٌ.
لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يُرَجِّلَ رَأْسَهُ وَيَتَطَيَّبَ، وَيَتَزَوَّجَ وَيُزَوِّجَ، وَيَتَزَيَّنَ بِلُبْسِ الثِّيَابِ، وَيَأْمُرَ بِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِ، وَتَعَهُّدِ ضَيَاعِهِ، وَأَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ، وَيَخِيطَ وَيَكْتُبَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ إِذَا لَمْ تَكْثُرْ.
فَإِنْ أَكْثَرَ، أَوْ قَعَدَ يَحْتَرِفُ بِالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا، كُرِهَ وَلَمْ يَبْطُلِ اعْتِكَافُهُ. وَنُقِلَ عَنِ الْقَدِيمِ: أَنَّهُ إِذَا