اشْتَغَلَ بِحِرْفَةٍ، بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَقِيلَ: بَطَلَ اعْتِكَافُهُ الْمَنْذُورُ. وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمْنَاهُ.
قُلْتُ: الْأَظْهَرُ، كَرَاهَةُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ قَلَّ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ، إِلَّا بِحَاجَةٍ. وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْبُوَيْطِيِّ» وَفِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي النَّهْيِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنِ اشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدِرَاسَةِ الْعِلْمِ، فَزِيَادَةُ خَيْرٍ.
فَرْعٌ
يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْسُطَ سُفْرَةً أَوْ نَحْوَهَا. وَلَهُ غَسْلُ يَدِهِ فِيهِ، وَالْأَوْلَى غَسْلُهَا فِي طَسْتٍ وَنَحْوِهَا لِئَلَّا يَبْتَلَّ الْمَسْجِدُ فَيَمْتَنِعُ غَيْرُهُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْجُلُوسِ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَذَّرُ.
وَلِهَذَا قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : يَجُوزُ نَضْحُ الْمَسْجِدِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يَجُوزُ بِالْمُسْتَعْمَلِ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لِأَنَّ النَّفْسَ قَدْ تَعَافُهُ.
وَيَجُوزُ الْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ فِي إِنَاءٍ، بِشَرْطِ أَنْ يَأْمَنَ التَّلْوِيثَ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ. وَفِي الْبَوْلِ فِي الطَّسْتِ احْتِمَالَانِ لِصَاحِبِ «الشَّامِلِ» وَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» ، لِأَنَّهُ أَقْبَحُ مِنَ الْفَصْدِ. وَلِهَذَا لَا يُمْنَعُ مِنَ الْفَصْدِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ.
يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ صَوْمٍ، وَيَصِحُّ فِي اللَّيْلِ وَحْدَهُ، وَفِي يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمَشْهُورُ.
وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ قَوْلًا قَدِيمًا: أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ، فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي الْعِيدِ، وَ [أَيَّامِ] التَّشْرِيقِ، وَاللَّيْلِ الْمُجَرَّدِ.