ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ كِتَابِ الْحُكْمِ، وَكِتَابِ النَّقْلِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْفُورَانِيُّ: الْخِلَافُ فِي كِتَابِ النَّقْلِ، فَأَمَّا كِتَابُ الْحُكْمِ فَيُقْبَلُ قَطْعًا فِي الْعُقُوبَتَيْنِ.

فَصْلٌ

إِذَا سَمِعَ الْقَاضِيَ بَيِّنَةً، فَعُزِلَ، ثُمَّ وَلِيَ ثَانِيًا، لَمْ يَحْكُمْ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ لِبُطْلَانِهِ بِالْعَزْلِ، بَلْ تَجِبُ الِاسْتِعَادَةُ، وَلَوْ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، ثُمَّ عَادَ، فَلَهُ الْحُكْمُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ. وَلَوْ سَمِعَ الشَّهَادَةَ عَلَى غَائِبٍ، فَقَدِمَ قَبْلَ الْحُكْمِ، لَمْ تَجِبْ الِاسْتِعَادَةُ، لَكِنْ يُخَيَّرُ وَيُمَكِّنُ مِنَ الْجَرْحِ، وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الْحُكْمِ، فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ فِي إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ، وَجَرْحِ الشُّهُودِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُؤَرِّخَ الْجَارِحُ فِسْقَهُ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَ احْتُمِلَ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَبُلُوغُ الصَّبِيِّ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ كَقُدُومِ الْغَائِبِ.

فَصْلٌ

الْمَرْأَةُ الْمُخَدَّرَةُ هَلْ تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، قَالَهُ الْقَفَّالُ كَغَيْرِهَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ حَضَرَ الْقَاضِي دَارَهَا، لِيَحْكُمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَصْمِهَا، أَوْ بَعَثَ نَائِبًا كَانَ لِلْخَصْمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دُخُولِ دَارِهَا، وَيَطْلُبَ إِخْرَاجَهَا، وَأَصَحُّهُمَا لَا كَالْمَرِيضِ، وَسَبِيلُ الْقَاضِي فِي حَقِّهَا كَمَا سَبَقَ فِي الْمَرِيضِ، فَعَلَى هَذَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إِذَا حَضَرَ دَارَهَا نَائِبُ الْقَاضِي، تَكَلَّمَتْ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ إِنِ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ أَنَّهَا خَصْمُهُ، أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ مَحَارِمِهَا أَنَّهَا هِيَ الَّتِي ادَّعَى عَلَيْهَا، وَإِلَّا تَلَفَّفَتْ بِمِلْحَفَةٍ، وَخَرَجَتْ مِنَ السِّتْرِ، ثُمَّ مَنْ لَا تَخْرُجُ أَصْلًا إِلَّا لِضَرُورَةٍ فَهِيَ مُخَدَّرَةٌ، وَمَنْ لَا تَخْرُجُ إِلَّا نَادِرًا لِعَزَاءٍ، أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ حَمَّامٍ مُخَدَّرَةٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015