مَا يَدَّعِيهَ، فَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ حُجَّةٌ فَيَتَضَرَّرَ الْخَصْمُ بِالْإِحْضَارِ، لَكِنْ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ حُجَّةٌ، وَيَقْصِدُ تَحْلِيفَهُ لَعَلَّهُ يَنْزَجِرُ فَيُقِرَّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْجُمْهُورُ لِمَا ذَكَرَهُ، لَكِنْ قَالُوا: يَبْحَثُ الْقَاضِي عَنْ جِهَةِ دَعْوَاهُ، فَقَدْ يُرِيدُ مُطَالَبَتَهُ بِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ، كَذِمِّيٍّ أَرَادَ مُطَالَبَةَ مُسْلِمٍ بِضَمَانِ خَمْرٍ، بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْبَحْثِ فِي إِحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحُضُورِ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَلَا مُؤْنَةٌ.

فَرْعٌ

لَوِ اسْتَعْدَى عَلَى امْرَأَةٍ خَارِجَةٍ عَنِ الْبَلَدِ هَلْ يُحْضِرُهَا، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَمْنُ الطَّرِيقِ وَنِسْوَةٌ ثِقَاتٌ، وَهَلْ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا مَحْرَمًا لَهَا لِتَحْضُرَ مَعَهُ؟ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا مَحْرَمًا أَوْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ.

فَصْلٌ

إِذَا ثَبَتَ عَلَى غَائِبٍ دَيْنٌ، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ، فَعَلَى الْقَاضِي تَوْفِيَتُهُ مِنْهُ إِذَا طَالَبَ الْمُدَّعِي، وَإِذَا وَفَّى هَلْ يُطَالِبُ الْمُدَّعِيَ بِكَفِيلٍ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ فَقَدْ يَكُونُ لِلْغَائِبِ دَافِعٌ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدَّافِعِ.

فَصْلٌ

ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَاتِ، وَفِي الْعُقُوبَاتِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ ثَالِثُهَا إِنْ كَانَتْ لِآدَمِيٍّ، كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ حَدًّا لِلَّهِ تَعَالَى، كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، فَلَا، فَإِنْ جَوَّزْنَا، كَتَبَ إِلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، لِيَأْخُذَهُ بِالْعُقُوبَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015