الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَأْخِيرُ الرَّمْيِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ، وَكَذَا الْفَسْخُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَعْرِضُ مَفْضُولًا مُتَّهَمًا، فَإِنْ كَانَ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَيَتْرُكَ النِّضَالَ؟ وَجْهَانِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمُسَابَقَةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَفِي جَوَازِ فَسْخِهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الزِّيَادَةِ، وَيُفْضِي الْأَمْرُ إِذَا فَرَّقْنَا بَيْنَ الْمَفْضُولِ وَغَيْرِهِ إِلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّ الْعَقْدَ جَائِزٌ مُطْلَقًا مَقْصُورٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَصِرْ أَحَدُهُمَا مَفْضُولًا، فَإِنْ صَارَ، لَزِمَ فِي حَقِّهِ، وَبَقِيَ الْجَوَازُ فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي نُفُوذِ فَسْخِ الْمَفْضُولِ طَرْدٌ فِي فَسْخِ الْجَاعِلِ الْجَعَالَةَ بَعْدَمَا عَمِلَ الْعَامِلُ بَعْضَ الْعَمَلِ، وَكَانَتْ حِصَّةُ عَمَلِهِ مِنَ الْمُسَمَّى تَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَوْ شَرَطَا فِي الْعَقْدِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَجْلِسَ وَيَتْرُكَ الرَّمْيَ إِنْ شَاءَ، فَسَدَ الْعَقْدُ إِنْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ، وَكَذَا إِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ وَقُلْنَا: لَيْسَ لِلْمَفْضُولِ التَّرْكُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَهُ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ شَرْطُهُ، لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَلَوْ شَرَطَا أَنَّ الْمُسْبَقَ إِنْ جَلَسَ كَانَ عَلَيْهِ السَّبْقُ، فَهُوَ فَاسِدٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ السَّبْقَ إِنَّمَا يُشْرَعُ فِي الْعَمَلِ، وَلَوْ تَنَاضَلَا، فَفَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِإِصَابَاتٍ، فَقَالَ الْمَفْضُولُ: حُطَّ فَضْلَكَ، وَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، لَمْ يَجُزْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، سَوَاءً جَوَّزْنَا إِلْحَاقَ الزِّيَادَةِ أَمْ لَا، لِأَنَّ حَطَّ الْفَضْلِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ.
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمُنَاضَلَةِ وَالْمُسَابَقَةِ
لَوْ كَانَ أَحَدُ الرَّامِيَيْنِ إِذَا أَصَابَ، أَطَالَ الْكَلَامَ بِالتَّبَجُّحِ وَالِافْتِخَارِ وَأَضْجَرَ صَاحِبَهُ، أَوْ عَنَّفَهُ إِذَا أَخْطَأَ، مُنِعَ مِنْهُ، وَلَوْ كَلَّمَ أَحَدَهُمَا