وَلَكِنْ تَوَقَّعَ صَاحِبُهُ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيُسَاوِيَهُ أَوْ يَفْضُلَهُ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَوَقَّعِ الْإِدْرَاكَ بِأَنْ شَرَطَا إِصَابَةَ خَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ، فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً، وَالْآخَرُ وَاحِدًا وَلَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ إِلَّا رَمْيَتَانِ، فَلِصَاحِبِ الْخَمْسَةِ أَنْ يَجْلِسَ: وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ، هَذَا تَفْرِيعُ قَوْلِ اللُّزُومِ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَتَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ وَالْإِصَابَاتِ، وَفِي الْمَالِ بِالتَّرَاضِي، وَفِي الْجَمِيعِ وَجْهٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهَلْ يَسْتَبِدُّ أَحَدُهُمَا بِالزِّيَادَةِ؟ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: نَعَمْ، لِجَوَازِ الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ فَلْيَفْسَخْ، وَالثَّانِي: لَا، إِذْ لَا بُدَّ فِي الْعَقْدِ مِنَ الْقَبُولِ، وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ الْإِلْحَاقُ لِلْفَاضِلِ وَالْمُسَاوِي دُونَ الْمَفْضُولِ لِئَلَّا يَتَّخِذَ الْمَفْضُولُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى إِبْطَالِ النِّضَالِ، وَمَتَى يَصِيرُ مَفْضُولًا؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: مَتَى زَادَ صَاحِبُهُ بِإِصَابَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا تَكْفِي إِصَابَةٌ وَإِصَابَتَانِ، بَلْ لَا يَصِيرُ مَفْضُولًا إِلَّا إِذَا قَرُبَ صَاحِبُهُ مِنَ الْفَوْزِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلْحَاقُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ بِالتَّرَاضِي، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ يَطَّرِدَانِ فِي الْمُسَابَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا هُنَاكَ، وَفِي الْجَعَالَةِ إِذَا زَادَ الْجَاعِلُ فِي الْعَمَلِ كَانَ مُتَّهَمًا كَالْمَفْضُولِ، فَفِي زِيَادَتِهِ الْخِلَافُ، فَإِنْ لَمْ تُلْحَقِ الزِّيَادَةُ بِهَا، فَذَاكَ، وَإِنْ أَلْحَقْنَاهَا وَقَدْ عَمِلَ الْعَامِلُ بَعْضَ الْعَمَلِ وَلَمْ يَرْضَ بِالزِّيَادَةِ، فُسِخُ الْعَقْدُ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهُ أَنْ تَثْبُتَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، لِأَنَّ التَّرْكَ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إِذَا تُرِكَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا.