وَلَوْ فَتِحَ هَذَا الْبَابُ، لَتَعَلَّقَ بِهِ الْمُخَطِّئُونَ، وَطَالَ النِّزَاعُ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ إِنْ أَخْطَأَ فِي الْهُجُومِ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَ، فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ فِي السَّهْمِ الْمُزْدَلِفِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ قَطْعًا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ أَصَابَ بِرَمْيهِ، وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ نَقَلَتِ الْغَرَضَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَأَصَابَ السَّهْمُ الْمَوْضِعَ الْمُنْتَقِلَ عَنْهُ، حُسِبَ لَهُ، إِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْإِصَابَةَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ الْخَسْقُ، نُسِبَتْ صَلَابَةُ الْمَوْضِعِ بِصَلَابَةِ الْغَرَضِ، وَلَوْ أَصَابَ الْغَرَضَ فِي الْمَوْضِعِ الْمُنْتَقِلِ إِلَيْهِ، حُسِبَ عَلَيْهِ، لَا لَهُ، وَلَوْ أَزَالَتِ الرِّيحُ الْغَرَضَ حَتَّى اسْتَقَلَّ السَّهْمَ، فَأَصَابَهُ السَّهْمُ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا يُحْسَبُ لَهُ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي حُكْمِ الْمُنَاضَلَةِ جَوَازًا وَلُزُومًا
وَفِي كَوْنِهَا لَازِمَةً أَوْ جَائِزَةً قَوْلَانِ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُسَابَقَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: تَلْزَمُ، انْفَسَخَتْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، كَالْأَجِيرِ الْمُعِينِ، وَلَوْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا، أَوْ أَصَابَهُ رَمَدٌ وَنَحْوُهُ، لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ، بَلْ يُؤَخَّرُ الرَّمْيُ، وَفِي الْمُسَابَقَةِ يَحْصُلُ الِانْفِسَاخُ بِمَوْتِ الْفَرَسِ، لِأَنَّ التَّعْوِيلَ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْصُلُ بِمَوْتِ الْفَارِسِ، بَلْ يَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَهُ، وَقِيلَ: فِيهِ احْتِمَالٌ، لِأَنَّ لِلْفَارِسِ أَثَرًا ظَاهِرًا، وَإِلْزَامُ الْوَارِثِ عَلَى الْمُسَابَقَةِ كَالْمُسْتَبْعَدِ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا إِلْحَاقُ زِيَادَةٍ فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ وَلَا عَدَدِ الْإِصَابَاتِ، وَطَرِيقُهُمَا إِنْ أَرَادَا ذَلِكَ أَنْ يَفْسَخَا الْعَقْدَ، وَيَسْتَأْنِفَا عَقْدًا، وَلَيْسَ لِلْمُنَاضِلِ أَنْ يَتْرُكَ النِّضَالَ وَيَجْلِسَ، بَلْ يُلْزَمُ بِهِ كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا، وَيُحْبَسُ عَلَى ذَلِكَ وَيُعَزَّرُ، هَذَا إِذَا كَانَ مَفْضُولًا أَوْ كَانَ لَهُ الْفَضْلُ،