يُنْظَرُ إِلَى ثُبُوتِهِ فِيهِ، وَتُقَاسُ صَلَابَةُ ذَلِكَ السَّهْمِ بِصَلَابَةِ الْغَرَضِ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ، وَلَوْ أَغْرَقَ الرَّامِي، وَبَالَغَ فِي الْمَدِّ حَتَّى دَخَلَ النَّصْلُ مَقْبِضَ الْقَوْسِ، وَوَقَعَ السَّهْمُ عِنْدَهُ، فَالنَّصُّ إِلْحَاقُهُ بِانْكِسَارِ الْقَوْسِ وَانْقِطَاعِ الْوَتَرِ وَنَحْوِهِمَا، لِأَنَّ سُوءَ الرَّمْيِ أَنْ يُصِيبَ غَيْرَ مَا قَصَدَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا هُنَا، وَعَنْ صَاحِبِ «الْحَاوِي» أَنَّهُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إِنْ بَلَغَ مَدَى الْغَرَضِ، حُسِبَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا.
الثَّالِثَةُ: الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ لَا تُؤْثِرُ حَتَّى لَوْ رَمَى زَائِلًا عَنِ الْمُسَامَتَةِ، فَرَدَّتْهُ الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ، أَوْ رَمَيَا ضَعِيفًا، فَقَوَّتْهُ، فَأَصَابَ، حُسِبَ لَهُ وَإِنْ صَرَفَتْهُ عَنِ السَّمْتِ بَعْضَ الصَّرْفِ، فَأَخْطَأَ، حُسِبَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْجَوَّ لَا يَخْلُو عَنِ الرِّيحِ اللَّيِّنَةِ غَالِبًا، وَيَضْعُفُ تَأْثِيرُهَا فِي السَّهْمِ مَعَ سُرْعَةِ مُرُورِهِ، وَقِيلَ: يُمْنَعُ الِاحْتِسَابُ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُمْنَعُ الِاحْتِسَابُ عَلَيْهِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ كَانَتِ الرِّيحُ عَاصِفَةً، وَاقْتَرَنَتْ بِابْتِدَاءِ الرَّمْيِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَبِهِ أَجَابَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الرَّمْيِ وَالرِّيحِ عَاصِفَةً تَقْصِيرٌ، وَلِأَنَّ لِلرُّمَاةِ حِذْقًا فِي الرَّمْيِ وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيحِ لِيُصِيبُوا، فَإِذَا أَخْطَأَ، فَقَدْ تَرَكَ ذَلِكَ، وَظَهَرَ سُوءُ رَمْيِهِ، وَأَصَحُّهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ: لَا يُحْسَبُ لَهُ إِنْ أَصَابَ لِقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا، وَلِهَذَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ تَرْكُ الرَّمْيِ إِلَى أَنْ تَرْكُدَ بِخِلَافِ اللَّيِّنَةِ، وَلَوْ هَجَمَ هُبُوبُ الْعَاصِفَةِ بَعْدَ خُرُوجِ السَّهْمِ مِنَ الْقَوْسِ، فَمُقْتَضَى التَّرْتِيبِ أَنْ يُقَالَ: إِنْ قُلْنَا: اقْتِرَانُهَا مُؤَثِّرٌ، فَهُبُوبُهَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا كَالنَّكَبَاتِ الْعَارِضَةِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِأَنَّ الْجَوَّ لَا يَخْلُو عَنِ الرِّيحِ،