الرَّابِعَةُ: شَرْطُ الْأَمَانِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي قَوْلٍ: يَجُوزُ مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً، فَلَوْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ، بَطَلَ الزَّائِدُ، وَلَا يَبْطُلُ فِي الْبَاقِي عَلَى الْأَصَحِّ تَخْرِيجًا مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَإِذَا أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَيَبْلُغُ بَعْدَهَا الْمَأْمَنَ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَضَرَّرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، فَلَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا، أَوْ طَلِيعَةً لَمْ يَنْعَقِدِ الْأَمَانُ، قَالَ الْإِمَامُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ، لِأَنَّ دُخُولَ مِثْلِهِ خِيَانَةً، فَحَقُّهُ أَنْ يُغْتَالَ، وَلَوْ أَمَّنَ آحَادًا عَلَى مَدَارِجِ الْغُزَاةِ، وَعَسِرَ بِسَبَبِهِ مَسِيرُ الْعَسْكَرِ وَاحْتَاجُوا إِلَى نَقْلِ الزَّادِ، فَهُوَ مَرْدُودٌ لِلضَّرَرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِانْعِقَادِ الْأَمَانِ ظُهُورُ الْمَصْلَحَةِ، بَلْ يَكْفِي عَدَمُ الْمُضِرَّةِ. الْخَامِسَةُ: إِذَا انْعَقَدَ الْأَمَانُ، صَارَ الْمُؤَمَّنُ مَعْصُومًا عَنِ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، فَلَوْ قُتِلَ، قَالَ الْإِمَامُ: الْوَجْهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يُضْمَنُ بِمَا يُضْمَنُ بِهِ الذِّمِّيُّ، وَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَبْذُهُ، فَإِنِ اسْتَشْعَرَ مِنْهُ خِيَانَةً، نَبَذَهَ، لِأَنَّ الْمُهَادَنَةَ تُنْبَذُ بِذَلِكَ، فَأَمَانُ الْآحَادِ أَوْلَى وَهُوَ جَائِزٌ مِنْ جِهَةِ الْكَافِرِ يَنْبِذُهُ مَتَى شَاءَ، وَلَا يَتَعَدَّى الْأَمَانُ إِلَى مَا خَلَّفَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ، وَأَمَّا مَا مَعَهُ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَعَرَّضَ لَهُ، اتْبَعِ الشَّرْطَ، وَإِلَّا فَلَا أَمَانَ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِقُصُورِ اللَّفْظِ.
السَّادِسَةُ: الْأَسِيرُ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ إِذَا أَمَّنَ بَعْضَهُمْ مُكْرَهًا، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَمَّنَهُ مُخْتَارًا، لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ فِي أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ الْإِمَامُ: إِنْ أَمَّنَ مَنْ هُوَ فِي أَسْرِهِ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ مَعَهُ، وَإِنْ أَمَّنَ غَيْرَهُ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ، فَإِنْ أَبْطَلْنَا، فَهَلْ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ فِي حَقِّ الْأَمْنِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ.