عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِيًا لَهَا، أَوْ عَظَّمَ صَنَمًا بِالسُّجُودِ لَهُ، أَوِ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالذَّبْحِ بِاسْمِهِ، فَكُلُّ هَذَا كُفْرٌ.

قُلْتُ: قَوْلُهُ: إِنَّ جَاحِدَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ يَكْفُرُ، لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلِ الصَّوَابُ فِيهِ تَفْصِيلٌ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَقِبَ كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَمُخْتَصَرُهُ أَنَّهُ إِنْ جَحَدَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ يُعْلَمُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ضَرُورَةً، كَفَرَ إِنْ كَانَ فِيهِ نَصٌّ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصٌّ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ضَرُورَةً بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ كُلُّ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَكْفُرْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ: يَا كَافِرُ بِلَا تَأْوِيلٍ، كَفَرَ ; لِأَنَّهُ سَمَّى الْإِسْلَامَ كُفْرًا، وَالْعَزْمُ عَلَى الْكُفْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كُفْرٌ فِي الْحَالِ، وَكَذَا التَّرَدُّدُ فِي أَنَّهُ يَكْفُرُ أَمْ لَا، فَهُوَ كُفْرٌ فِي الْحَالِ، وَكَذَا التَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، كَقَوْلِهِ: إِنْ هَلَكَ مَالِي أَوْ وَلَدِي تَهَوَّدْتُ، أَوْ تَنَصَّرْتُ، قَالَ: وَالرِّضَى بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، حَتَّى لَوْ سَأَلَهُ كَافِرٌ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ أَنْ يُلَقِّنَهُ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، أَوْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُسْلِمَ، أَوْ عَلَى مُسْلِمٍ بِأَنْ يَرْتَدَّ، فَهُوَ كَافِرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِمُسْلِمٍ: سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ، أَوْ لِكَافِرٍ: لَا رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ، فَلَيْسَ بِكُفْرٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ رِضًى بِالْكُفْرِ، لَكِنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ بِتَشْدِيدِ الْأَمْرِ وَالْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي «الْفَتَاوَى» وَجْهًا ضَعِيفًا، أَنَّ مَنْ قَالَ لِمُسْلِمٍ: سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ، كَفَرَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ أَكْرَهَ مُسْلِمًا عَلَى الْكُفْرِ، صَارَ الْمُكْرِهُ كَافِرًا، وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالرِّضَى بِهِ، وَالْعَزْمُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، وَشَرِبَ مَعَهُمُ الْخَمْرَ، وَأَكَلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، لَا يُحْكَمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015