بِكُفْرِهِ، وَارْتِكَابُ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَلَا يَنْسَلِبُ بِهِ اسْمُ الْإِيمَانِ، وَالْفَاسِقُ إِذَا مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ.
فَرْعٌ
فِي كُتُبِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ اعْتِنَاءٌ تَامٌّ بِتَفْصِيلِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْكُفْرِ، وَأَكْثَرُهُمَا مِمَّا يَقْتَضِي إِطْلَاقُ أَصْحَابِنَا الْمُوَافَقَةَ عَلَيْهِ، فَنَذْكُرُ مَا يَحْضُرُنَا مِمَّا فِي كُتُبِهِمْ.
مِنْهَا: إِذَا سَخِرَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِوَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ، كَفَرَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْ، أَوْ لَوْ صَارَتِ الْقِبْلَةُ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ مَا صَلَّيْتُ إِلَيْهَا، أَوْ لَوْ أَعْطَانِي الْجَنَّةَ مَا دَخَلْتُهَا.
قُلْتُ: مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ فِي قَوْلِهِ لَوْ أَعْطَانِي الْجَنَّةَ مَا دَخَلْتُهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: لَا تَتْرُكِ الصَّلَاةَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُؤَاخِذُكَ، فَقَالَ: لَوْ وَاخَذَنِي اللَّهُ بِهَا مَعَ مَا بِي مِنَ الْمَرَضِ وَالشِّدَّةِ، ظَلَمَنِي، أَوْ قَالَ الْمَظْلُومُ: هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ الظَّالِمُ: أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى، كَفَرَ، وَلَوْ قَالَ: لَوْ شَهِدَ عِنْدِي الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ بِكَذَا مَا صَدَّقْتُهُمْ، كَفَرَ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: قَلِّمْ أَظْفَارَكَ، فَإِنَّهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً، كَفَرَ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ اسْتِهْزَاءً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ قَالَ: فُلَانٌ فِي عَيْنِي كَالْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ فِي عَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ كُفْرٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنْ أَرَادَ الْجَارِحَةَ، كَفَرَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالُوا: وَلَوْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ