كِتَابُ الرِّدَّةِ

هِيَ مِنْ أَفْحَشِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ، وَأَغْلَظِهَا حُكْمًا، وَفِيهِ بَابَانِ:

الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَةِ الرِّدَّةِ، وَمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ، وَفِيهِ طَرَفَانِ:

الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَتِهَا، وَهِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ تَارَةً بِالْقَوْلِ الَّذِي هُوَ كُفْرٌ، وَتَارَةً بِالْفِعْلِ، وَالْأَفْعَالُ الْمُوجِبَةُ لِلْكُفْرِ هِيَ الَّتِي تَصْدُرُ عَنْ تَعَمُّدٍ وَاسْتِهْزَاءٍ بِالدِّينِ صَرِيحٍ، كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ أَوْ لِلشَّمْسِ، وَإِلْقَاءِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ، وَالسِّحْرِ الَّذِي فِيهِ عِبَادَةُ الشَّمْسِ وَنَحْوِهَا، قَالَ الْإِمَامُ: فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ عَنْ شَيْخِي أَنَّ الْفِعْلَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكُونُ كُفْرًا، قَالَ: وَهَذَا زَلَلٌ عَظِيمٌ مِنَ الْمُعَلِّقِ ذَكَرْتُهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى غَلَطِهِ، وَتَحْصُلُ الرِّدَّةُ بِالْقَوْلِ الَّذِي هُوَ كُفْرٌ، سَوَاءٌ صَدَرَ عَنِ اعْتِقَادٍ أَوْ عِنَادٍ أَوِ اسْتِهْزَاءٍ، هَذَا قَوْلٌ جُمَلِيٌّ، وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي: مَنِ اعْتَقَدَ قِدَمَ الْعَالَمِ، أَوْ حُدُوثَ الصَّانِعِ، أَوْ نَفَى مَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْقَدِيمِ بِالْإِجْمَاعِ، كَكَوْنِهِ عَالِمًا قَادِرًا، أَوْ أَثْبَتَ مَا هُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَالْأَلْوَانِ، أَوْ أَثْبَتَ لَهُ الِاتِّصَالَ وَالِانْفِصَالَ، كَانَ كَافِرًا، وَكَذَا مَنْ جَحَدَ جَوَازَ بَعْثَةِ الرُّسُلِ، أَوْ أَنْكَرَ نُبُوَّةَ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، أَوْ كَذَّبَهُ، أَوْ جَحَدَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ مُجْمَعًا عَلَيْهَا، أَوْ زَادَ فِي الْقُرْآنِ كَلِمَةً وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا مِنْهُ، أَوْ سَبَّ نَبِيًّا، أَوِ اسْتَخَفَّ بِهِ، أَوِ اسْتَحَلَّ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ كَالْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا بِالْإِجْمَاعِ، أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَى وُجُوبِهِ، كَرَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، أَوِ اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ، كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ وَصَوْمِ شَوَّالٍ، أَوْ نَسَبَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى الْفَاحِشَةِ، أَوِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ بَعْدَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015