الْإِقْرَارَ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ، فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ دَخَلَ، فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْمُقَرِّ لَهُ. فَإِنْ كَانَ سَلَّمَ الْمَهْرَ إِلَيْهَا، اسْتَرَدَّهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِلَّا، رَجَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْأَوْلَادُ مِنْهَا أَحْرَارٌ، لِظَنِّهِ الْحُرِّيَّةَ، وَعَلَى الزَّوْجِ قِيمَتُهُمْ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ إِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةَ. وَفِي الرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ. وَفِي الْعِدَّةِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَلْزَمُهَا قُرْءَانِ، لِأَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ قُرْءَانِ، وَنِكَاحُ الشُّبْهَةِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» ، وَ «الشَّامِلِ» . وَالثَّانِي: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، إِذْ لَا نِكَاحَ، وَلَكِنْ تَسْتَبْرِئُ بِقُرْءٍ بِسَبَبِ الْوَطْءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَيَجِبُ طَرْدُ هَذَا الْخِلَافَ فِي كُلِّ نِكَاحِ شُبْهَةٍ عَلَى أَمَةٍ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ، فَالْكَلَامُ فِي أُمُورٍ.
أَحَدُهَا: لَا يُحْكَمُ بِانْفِسَاخِ نِكَاحِهَا، بَلْ يَبْقَى كَمَا كَانَ. قَالَ الْإِمَامُ: سَوَاءٌ فَرَّقْنَا بَيْنَ الْمَاضِي، وَالْمُسْتَقْبَلِ، أَمْ لَا، وَيَصِيرُ النِّكَاحُ كَالْمُسْتَوْفَى الْمَقْبُوضِ، وَاسْتَدْرَكَ ابْنُ كَجٍّ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُ، لِأَنَّ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَلِدُهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَرِقَّاءُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَيْسَ لَهُ الثَّبَاتُ عَلَيْهِ، وَهَذَا حَسَنٌ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِخِلَافِهِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، كَالْحُرِّ إِذَا وُجِدَ الطَّوْلُ بَعْدَ نِكَاحِ الْأَمَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّ لِلزَّوْجِ خِيَارَ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» . قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا إِذَا نَكَحَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَإِنْ تَوَهَّمَ الْحُرِّيَّةَ، وَلَمْ يُجْرِ شَرْطَهَا، فَفِيهِ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ فِي النِّكَاحِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
الثَّانِي: فِي الْمَهْرِ، وَمَتَى ثَبَتَ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ، فَفَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ،