وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ. وَإِنْ أَجَازَ، لَزِمَهُ الْمُسَمَّى، قَالَهُ الْبَغَوِيُّ. فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ، لَزِمَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى، وَفِيهِ إِشْكَالٌ، لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَزْعُمُ فَسَادَ النِّكَاحِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ، وَجَبَ أَنْ لَا يُطَالِبَ بِشَيْءٍ، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهَذَا إِطْلَاقُ الْغَزَالِيِّ.
قُلْتُ: الرَّاجِحُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِمَا ذَكَرَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ أَعْطَاهَا الصَّدَاقَ، لَمْ يُطَالَبْ بِهِ ثَانِيًا.
الثَّالِثُ: أَوْلَادُهَا، فَالَّذِينَ حَصَلُوا قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ، وَلَا يَلْزَمُ لِلزَّوْجِ قِيمَتُهُمْ. وَالْحَادِثُونَ بَعْدَهُ أَرِقَّاءُ، لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِرِقِّهَا. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا ظَاهِرٌ إِنْ قَبِلْنَا الْإِقْرَارَ فِيمَا يَضُرُّ بِالْغَيْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. فَإِنْ لَمْ نَقْبَلْهُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بَحُرِّيَّتِهِمْ لِصِيَانَةِ حَقِّ الزَّوْجِ، كَمَا أَدَمْنَا النِّكَاحَ صِيَانَةً لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِرِقِّهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّ الْعُلُوقَ مُتَوَهَّمٌ فَلَا يُجْعَلُ مُسْتَحَقًّا بِالنِّكَاحِ، بِخِلَافِ الْوَطْءِ.
الرَّابِعُ: تَرَدُّدُ الْإِمَامِ فِي أَنَّا إِذَا أَدَمْنَا النِّكَاحَ، تُسَلَّمُ إِلَى الزَّوْجِ تَسْلِيمَ الْإِمَاءِ، أَمْ تَسْلِيمَ الْحَرَائِرِ؟ فَالظَّاهِرُ: الثَّانِي، وَإِلَّا، لِعِظَمِ الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجِ، وَاخْتَلَّتْ مَقَاصِدُ النِّكَاحِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي «الْمُخْتَصَرِ» : لَا أُصَدِّقُهَا عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ، وَلَا عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ.
الْخَامِسُ: فِي الْعِدَّةِ. وَأَمَّا عِدَّةُ الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ أَقَرَّتْ، فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي جَمِيعِهَا، لِأَنَّهُ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ. وَإِنْ أَقَرَّتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ، لِأَنَّ النِّكَاحَ أَثْبَتَ لَهُ