الْمُقَرُّ لَهُ، لَمْ يَثْبُتِ الرِّقُّ. فَلَوْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَدَّقَهُ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَذَّبَهُ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ بِالْأَصْلِ، فَلَا يَعُودُ رَقِيقًا. وَإِنْ صَدَّقَهُ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَسْبِقِ الْإِقْرَارَ مَا يُنَاقِضُهُ، قُبِلَ عَلَى الْمَشْهُورِ كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ. وَفِي قَوْلٍ حَكَاهُ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» : لَا يُقْبَلُ، لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِالدَّارِ، فَلَا يُنْقَضُ، كَالْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ، لَوْ أَفْصَحَ بِالْكُفْرِ، لَا يُنْقَضُ مَا حَكَمْنَا بِهِ فِي قَوْلٍ، بَلْ يُجْعَلُ مُرْتَدًّا. وَإِنْ سَبَقَهُ مَا يُنَاقِضُهُ، فَفِيهِ صُوَرٌ.
إِحْدَاهَا: إِذَا أَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ، لَا يُقْبَلُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعُ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَجْهَيْنِ، ثَانِيهِمَا الْقَبُولُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِزَيْدٍ، فَكَذَّبَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ لِعَمْرٍو، لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْمَنْصُوصِ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، بَلْ يَكُونُ حُرًّا، وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ قَبُولُهُ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا وُجِدَتْ مِنْهُ تَصَرُّفَاتٌ يَقْتَضِي نُفُوذُهَا الْحُرِّيَّةَ، كَبَيْعٍ، وَنِكَاحٍ، وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ، نُقِضَتْ تَصَرُّفَاتُهُ الْمُقْتَضِيَّةُ لِلْحُرِّيَّةِ، وَجُعِلَتْ صَادِرَةً عَنْ عَبْدٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، وَيَسْتَرِدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ مِيرَاثٍ، وَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَتُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِيهَا. فَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، لَكِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» فَإِقْرَارُهُ لَاغٍ. لَكِنْ لَوْ كَانَ نَكَحَ، فَإِقْرَارُهُ اعْتِرَافٌ بِتَحْرِيمِهَا، فَيُؤَاخَذُ بِهِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ، فَفِيهِ طُرُقٌ، حَاصِلُهَا أَنَّهُ تَثْبُتُ أَحْكَامُ الْأَرِقَّاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: قَوْلَانِ. ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: يَبْقَى فِيمَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ، وَكِلَاهُمَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا الْمَاضِي، فَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِيمَا يَضُرُّ بِهِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ السَّابِقَةِ قَطْعًا، وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فُرُوعٌ. أَحَدُهَا: إِذَا نَكَحَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ، نُظِرَ، أَذَكَرٌ هُوَ، أَمْ أُنْثَى، فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَزَوَّجَهَا الْحَاكِمُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ. فَإِنْ قَبِلْنَا