الحكم الرابع: ما هو حكم مسّ المصحف الشريف؟

القرآن الكريم كتاب الله المقدس يجب تعظيمه واحترامه، ومن تعظيمه وإجلاله ألاّ يمسه إلاّ طاهر، ومسألة عدم جواز مسّ المصحف للمحدث أمر يكاد يجمع عليه الفقهاء، ومن أجازه من الفقهاء فإنما أجازه لضرورة (التعلم والتعليم) فالمحدث والجنب، والحائض، والنفساء، كلّ هؤلاء يحرم عليهم مس المصحف لعدم الطهارة.

رأي ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ: استدل ابن تيمية على الحكم الشرعي من وجه لطيف فقال: إنّ الآية تدل على الحكم من باب «الإشارة» فإذا كان الله تبارك وتعالى يخبر أنَّ الصحف المطهَّرة في السماء لا يمسُها إلا المطهّرون فالصحف التي بأيدينا كذلك ينبغي ألاّ يمسّها إلا طاهر «انتهى.

أقول: هذا هو الحق الذي ينبغي التعويل عليه، وهو ما اتفق عليه الفقهاء من حرمة مسّ المصحف الشريف بدون طهارة.

تنبيه هام

قلنا إن مسَّ المصحف لغير المتطهر حرام، وهذا الحكم لا اعتراض عليه، إنما الاختلاف بين الفقهاء هل هو مستنبط من الآية الكريمة؟ أم مأخوذ من دليل آخر؟

فيرى بعض الفقهاء أن الحكم الشرعي بحرمة مسّ القرآن مأخوذ من نفس هذه الآية الكريمة، لأنه (خبر) يقصد به (النهي) فكأنه تعالى يقول:» لا تمسّوه إلاّ إذا كنتم على طهارة «.

وقال آخرون الحكم ثبت من السنة لا من الآية الكريمة وقد ذكروا بعض الوجوه التي يُرجَّح بها هذا الرأي منها:

أ -» إنّ الآيات هاهنا مكية، ومعلوم أن القرآن في مكة كانت عنايته موجهة إلى أصول الدين لا إلى فروعه.

ب - قالوا الآية خبر وتأويلكم لها يخرجها عن (الخبر) إلى (الإنشاء) الذي يراد به النهي، والأصلُ أن يحمل اللفظ على الحقيقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015