الحكم الثاني: ما المراد بالكتاب المكنون في الآية الكريمة؟

اختلف الفسرون في المراد بالكتاب المكنون.

فقيل: هو (اللوح المحفوظ) ومعنى أنه مكنون أي أنه مستور عن الأعين، لا يطّلع عليه إلا بعض الملائكة، كجبريل وميكائيل عليهما السلام.

وقيل إن الكتاب: لا يراد به اللوح المحفوظ، وإنما يراد به القرآن الكريم «المصحف» فهذا القرآن العظيم كما أنه محفوظ في الصدور، كذلك هو مسجل في السطور كما قال تعالى: {فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ} [عبس: 13] وعلى هذا التفسير يكون معنى {مَّكْنُونٍ} أي أنه محفوظ من التبديل والتغيير، ويكون على حدّ قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] .

الحكم الثالث: ما المراد من قوله تعالى: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون} ؟

اختلف المفسرون في الضمير في هذه الآية الكريمة وهو قوله تعالى: {لاَّ يَمَسُّهُ} هل هو راجع إلى القرآن العظيم؟ أم إلى الكتاب الذي هو على رأي بعضهم (اللوح المحفوظ) فإذا أعيد الضمير على القرآن الكريم يكون المراد من قوله تعالى: {لاَّ يَمَسُّهُ} أي لا يمسّ هذا القرآن إلاّ طاهر من الحدثين: الأصغر والأكبر. ويكون النفي على معنى أنه لا ينبغي أن يمسه كما في قوله تعالى: {الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً} [النور: 3] .

ويرى البعض أنّ (لا) ناهية وليست نافية، والضمة التي فيه للإتباع لا للإعراب، والذين قالوا إن المراد باللفظ هو اللوح المحفوظ فسروا المطهّرين بالملائكة واستدلوا بقوله تعالى: {فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ}

[عبس: 13 - 16] فقالوا هذه الآية تشبه تلك فالمراد بها إذاً الملائكة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015