ج - قالوا إنّ لفظ «المطهّرون» يشير إلى ما قلنا وهو الذي تكون طهارته ذاتية وهم (الملائكة) وأما المتطهرين فهم الذين تكون طهارتهم بعملهم نظراً لقوله تعالى: {إِنَّ الله يُحِبُّ التوابين وَيُحِبُّ المتطهرين} [البقرة: 222] فلو أراد الله سبحانه الإخبار عن وجوب الطهارة لقال: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون} ! {.
والخلاصة: فإن السنة والآثار تنصّ على وجوب الطهارة لمسّ القرآن فقد ثبت فيما رواه ابن حبان وأصحاب السنن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كتب كتاباً إلى أهل اليمن وجاء فيه: «وألاّ يمسّ القرآن إلا طاهرٌ» .
وبهذا قال الجمهور من الفقهاء منهم: (مالك وأبو حنيفة والشافعي) رحمهم الله وقد كان كثير من الصحابة يأمرون أولادهم بالوضوء لمس المصحف، وقصة عمر معروفة وفي هذا القدر كفاية وغُنيةٌ عن التطويل.
الحكم الخامس: ما هي الحكمة من القسم؟
جرت العادة عند العرب أن يستعملوا القسم عند إرادة توكيد الكلام، والقرآنُ الكريم نزل بلغة العرب، وقد كانت آياته الكريمة تحوي أنواعاً من القسم وضرورياً من التفنّن البديع في توكيد الكلام، وليس المراد من القسم إثبات الدعوى، فالدعاوى لها ما يثبتها من الأدلة القطعية التي ثبتت عن طريق الحجة والبرهان.
ثمّ إنّ المخاطب أحد رجلين: إمَّا مؤمن بالقرآن، أو مكذب به، فالمؤمن لا يحتاج إلى قسم فهو مصدِّقٌ بما أخبر عنه الله تعالى بدون يمين، والمكذّب الذي لم تغنه الآيات والنّذُر لن يصدّق بمجرد القسم بعد أن لم يؤثر فيه الدليل، فثبت أنّ المراد بالقسم إنما هو توكيد الكلام ليس إلاّ ولفتُ النظر إلى أهمية الموضوع، وأهمية الأمر، فحين يقسم الله تعالى بشيء من الأشياء تتوجه النفس إلى سرّ هذا القسم بهذا المخلوق متسائلة ما سرّه؟ وما معناه؟ ولم أقسم به دون غيره؟ وحينئذٍ تبحث عن الحكمة والسرِّ في ذلك القسم} !