ب - وقال آخرون: إنّ (لا) هنا هي لام القسم أشبعت فتحتها فتولدت الألف نظير الألف في قول الشاعر: «أعوذ بالله بمن العقراب» ويكون معنى الآية: «لأَقْسِمٌ» .
وهذا الرأي ضعيف لأن النحاة يقولون: إذا كان الفعل مستقبلاً في حيّز القسم وجب اتصال نون التوكيد به وحذفها ضعيف جداً تقول مثلاً «لأفعلنّ» ومثله قوله تعالى: {وتالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] ولا تقول: لأفعلُ.
ج - وقال آخرون: هي (للنفي) وهو نفي لمحذوف هو ما كان يقوله الكفار: إن القرآن سحر، أو شعر، أو كهانة، ويكون حاصل لمعنى: لا صحة لما يقولون، أُقْسمُ بمواقع النجوم، ويكون الأمر فيه نفياً لكلام سابق، وابتداءً بكلام مستأنف.
وهذا الرأي ضعيف أيضاً لأن النحاة يقولون: إنّ اسم (لا) وخبرها لا يصح حذفهما إلاّ إذا كانا في جواب سؤال، ثم إنه في مثل هذه الحالة يتعين العطف بالواو كما يقال: هل شفي فلانٌ من مرضه؟ فيقال: لا وشفاه الله ... إلخ.
د - واختار الفخر الرازي رأياً آخر خلاصته: أنّ (لا) نافية باقية على معناها، وأنّ في الكلام «مجازاً تركيبياً» وخلاصة المعنى أن نقول: لا حاجة إلى القسم لأنّ الأمر أظهر وأوضح من أن يقسم عليه، وهذا الرأي جميل لأنه لا يراد به نفي القسم حقيقة بل الإشارة إلى أنه من الجلاء والوضوح بحيث لا يحتاج إلى قسم.