ومن تعامل مع كتب المتأخرين في التفسير كزاد المسير مثلاً؛ أدرك عبقرية عبارة ابن عطية هذه، وقد تأثر بها ابن تيمية، واستثمرها، وأقام عليها قاعدة كاملة من قواعد التفسير، شرحها في مواضع متعددة، كقول ابن تيمية عن تفسير السلف: «أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل، وتنبيه المستمع على النوع، لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه» (?).
ومن أمثلة ذلك، أنك تجد بعض السلف يُسأل مثلاً عن قول الله (والباقيات الصالحات) فبعضهم يقول: لا إله إلا الله، وبعضهم يقول: سبحان الله والحمد لله، وبعضهم يقول: الصلوات الخمس، ونحو هذه التفاسير، فيأتي بعض المتأخرين فيظنها أقوالاً في تفسير الآية، وإنما أراد بها الإمام من أئمة السلف التمثيل للباقيات الصالحات، لا التفسير الحاصر لمعنى الباقيات الصالحات!
فمن أدرك هذه القاعدة واستوعبها جيداً، أعني قاعدة «تفسير التمثيل»؛ ضاق أمامه الخلاف في التفسير جداً، وميّز بين اختلاف الأقوال، واختلاف الأمثلة.