بِالْفِعْلِ, فَيَكُونُ قَدْ أَلْحَقَ بِهِ وَعِيدَ اللَّعْنِ أَوْ الْغَضَبِ بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ؟
قُلْنَا: الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ جِنْسَ التَّحْرِيمِ إمَّا أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي مَحَلِّ خِلَافٍ, أَوْ لَا يَكُونَ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي مَحَلِّ خِلَافٍ قَطُّ: لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ حَرَامًا إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ, فَكُلُّ مَا اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ يَكُونُ حَلَالًا.
وَهَذَا مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ, وَهُوَ مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا وَلَوْ فِي صُورَةٍ, فَالْمُسْتَحِلُّ لِذَلِكَ الْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ, إمَّا أَنْ يَلْحَقَهُ ذَمَّ مَنْ حَلَّلَ الْحَرَامَ أَوْ فَعَلَهُ وَعُقُوبَتُهُ أَوْ لَا؟
فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ يَلْحَقُهُ؛ أَوْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ. فَكَذَلِكَ التَّحْرِيمُ الثَّابِتُ فِي حَدِيثِ الْوَعِيدِ اتِّفَاقًا. وَالْوَعِيدُ الثَّابِتُ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ.
بَلْ الْوَعِيدُ إنَّمَا جَاءَ عَلَى الْفَاعِلِ. وَعُقُوبَةُ مُحَلِّلِ الْحَرَامِ فِي الْأَصْلِ أَعْظَمُ مِنْ عُقُوبَةِ فَاعِلِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ.
فَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ ثَابِتًا فِي صُورَةِ الْخِلَافِ, وَلَا يَلْحَقُ الْمُحَلِّلَ الْمُجْتَهِدَ عُقُوبَةُ ذَلِكَ الْإِحْلَالِ لِلْحَرَامِ لِكَوْنِهِ