فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ الْفِعْلُ الَّذِي فَعَلَهُ الْمُتَأَوِّلُ بِعَيْنِهِ حَرَامًا, لَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ أَثَرُ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ, لِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.
وَالثَّانِي: فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِحَرَامِ, لِعَدَمِ بُلُوغِ دَلِيلِ التَّحْرِيمِ لَهُ؛ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَتَكُونُ نَفْسُ حَرَكَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَيْسَتْ حَرَامًا.
وَالْخِلَافُ مُتَقَارِبٌ, وَهُوَ شَبِيهٌ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْعِبَارَةِ.
فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ إذَا صَادَفَتْ مَحَلَّ خِلَافٍ, إذْ الْعُلَمَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بها فِي تَحْرِيمِ الْفِعْلِ الْمُتَوَعَّدِ عَلَيْهِ, سَوَاءٌ كَانَ مَحَلَّ وِفَاقٍ أَوْ خِلَافٍ.
بَلْ أَكْثَرُ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا فِي مَوَارِدِ الْخِلَافِ.
لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى الْوَعِيدِ إذَا لَمْ تَكُنْ قَطْعِيَّةً عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا قُلْتُمْ: إنَّ أَحَادِيثَ الْوَعِيدِ لَا تَتَنَاوَلُ مَحَلَّ الْخِلَافِ؛ وَإِنَّمَا تَتَنَاوَلُ مَحَلَّ الْوِفَاقِ, وَكُلُّ فِعْلٍ لُعِنَ فَاعِلُهُ, أَوْ تُوُعِّدَ بِغَضَبِ أَوْ عِقَابٍ, حُمِلَ عَلَى فِعْلٍ اُتُّفِقَ عَلَى تَحْرِيمِهِ, لِئَلَّا يَدْخُلَ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْوَعِيدِ إذَا فَعَلَ مَا اعْتَقَدَ تَحْلِيلَهُ, بَلْ الْمُعْتَقِدُ أَبْلَغُ مِنْ الْفَاعِلِ؛ إذْ هُوَ الْآمِرُ لَهُ