قَالُوا: رد [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] على قَائِل: (وَمن عصاهما، فقد غوى) ؛ وَقَالَ: (قل: وَمن عصى الله وَرَسُوله) ؛ قُلْنَا: لترك إِفْرَاد اسْمه بالتعظيم؛ بِدَلِيل أَن معصيتهما لَا تَرْتِيب فِيهَا.
هَامِش
" قُلْنَا: لَو كَانَ لَهُ " - أَي: التَّرْتِيب - " لما احْتِيجَ إِلَى (ابدءوا) "؛ لمعرفتهم التَّرْتِيب من الْوَاو؛ فَإِذن الحَدِيث عَلَيْكُم، لَا لكم.
الشَّرْح: " قَالُوا: رد " النَّبِي " - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قَائِل ": (من يطع الله وَرَسُوله، فقد رشد، " وَمن عصاهما "؛ كَذَا بِخَط المُصَنّف.
وَلَفظ الحَدِيث: (وَمن يعصهما " فقد غوى) ، وَقَالَ ": (بئس الْخَطِيب أَنْت؛ " قل: وَمن عصى) "؛ كَذَا بِخَط المُصَنّف، وَاللَّفْظ: (يعْص " الله وَرَسُوله) "؛ رَوَاهُ مُسلم، فَلَو لم تكن للتَّرْتِيب، لم يكن فرق بَين مَا أمره بِهِ، وَمَا نَهَاهُ عَنهُ.
" قُلْنَا ": لَيْسَ اللوم للتَّرْتِيب؛ بل " لترك إِفْرَاد اسْمه "، أَي: اسْم الله " بالتعظيم؛ بِدَلِيل أَن معصيتهما لَا تَرْتِيب فِيهَا "، وكل مِنْهُمَا مستلزمة لِلْأُخْرَى.
فَإِن قلت: كَيفَ قَالَ المُصَنّف: (معصيتهما) عقب سَماع اللوم على الْجمع بَين الله وَرَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ضمير وَاحِد.
قلت: لوم الْخَطِيب؛ إِنَّمَا كَانَ لِأَن مقَامه - وَهِي العظة والخطابة - يَقْتَضِي التَّوَسُّع فِي الْكَلَام؛ فَكَانَ الْمُنَاسب فِيهِ الْإِفْرَاد؛ تَعْظِيمًا، وَلَا كَذَلِك أَمَاكِن الِاخْتِصَار؛ ك (مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب) ؛ وَفِي الْقُرْآن: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ} [سُورَة الْأَحْزَاب: الْآيَة، 56] .
وَفِي الحَدِيث: " ثَلَاث من كن فِيهِ، وجد حلاوة الْإِيمَان: من كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا ... ".