ثم جلس الوزير فِي الإيوان ونظر فِي الأحكام، وكل ذَلِكَ لا يظهر من علي ابن النعمان اعتراض وَكَانَ فِي طول نظره لا يرد إِلَى علي بن النعمان حكومة وإنما يردها تارة إِلَى أبي طالب أحمد بن القاسم بن المنهال الَّذِي قدَّمت ذكره فِي الأحمدين. وتارة إِلَى محمد بن الحسَن بن أبي الدبس الَّذِي قدمت ذكره فِي المحمدين.
يوسف بن أيوب بن إسماعيل الأندلسي الأصل أبو الحجاج المغربي كان قاضي الغربية نيابة عن قضاة مصر، فلما صرف أبو الفتح الرَّسْعَنِيّ قرره الوزير الملقب بالمأمون البَطَائحي فِي القضاء وذلك فِي ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة ولُقّب جلال الملك تاج الأحكام، وخلع عَلَيْهِ فِي القصر بذلة مذهبه وأدخله عَلَى الخليفة فسلّم عَلَيْهِ، ودَفَعَ لَهُ سِجل يشتمل عَلَى توليته القضاء والخطابة والصلاة وديوان الأحباس ودار الضرب. وذكر فِيهِ لَهُ أوصافاً جميلة من العلم والدين، فأخذ سِجله فَقَبَّلَه وَوَضَعَه عَلَى رأسه.
وتوجه إِلَى الجامع فَقُرِئَ عَلَى المنبر، وواظَب الجلوس يومي الاثنين والخميس عند المأمون بمجلس المظالم، فكانت القصص تُعرَض عَلَيْهِ فيجيب عنها بأحسن الأجوبة ويناقش فِي كثير مما يتعلق بأصحابها، ويرشد إِلَى أشياء تخفى عَلَى كثير من الناس. فكان ذَلِكَ يعجب المأمون ويزيده فِيهِ رغبة.
وكان المأمون يعرفه قديماً لأنه أَقْرَأَ أخاه المؤتمن القرآن والعربية واشترط علي المأمون أن لا يستشهد إِلاَّ مَن يقع عَلَيْهِ الاختيار ممن يَتَعاطى الشهادة، فاختار سبعة عشرة نفساً ومنع الباقين، وَلَمْ يزل يوسف فِي ولاية الحكم إِلَى أن مات فِي جمادى الآخرة وقيل فِي شوال من سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، واستقر بعده ابن مُيسر واسمه محمد بن هبة الله. وَقَدْ تقدَّم ذكر أسماء الشهود الذين اختارهم: أبو محمد حسن بن آدم متولي دار العلم، وأبو الكرم المتكلم، وأبو الفخر الخطيب وخازن الكتب، وأبو علي الحسن بن سالم بن علي بن حسن بن أَنْجَب موقع الحكم، وأبو البركات بن نجايه، والشريف الخطيب أبو الفتوح ناصر بن الحسن الرندي الفقيه، وأبو مروان عبد الملك بن