وقال الطحاوي: حدثنا بَكّار، حدثنا أبو الوليد الطّيالسيّ قال: قدم أبو يوسف البصرة مع الرشيدِ فاجتمع أصحاب الرأي وأصحاب الحديث عَلَى بابه. فأشرَفَ عليهم وَلَمْ يأذَن لأَحَدٍ منهم، وقال: أنا من الفريقين جميعاً. ولا أُقَدِّم فرقةً عَلَى فرقة، ولكني أسأل عن مسألة فمن أصاب دخلت طائفته. ثُمَّ قال: رجلٌ مَضَغَ خَاتمي هَذَا حَتَّى هَشَمه، مَاذَا عَلَيْهِ؟ فاختلف أحاب الحديث، فلم يعجبه جوابهم. وقال رجل من الفقهاء: عَلَيْهِ قيمته صحيحاً، ويأخذ الفضة المهْشُومة إِلاَّ إن شاء رب الخاتم أن يمسكه لنفسه فلا شيء على هاشِمه. فقال أبو يوسف: يدخل أصحاب هَذَا الجواب.
قال أبو الوليد: فدخلنا معهم فأملَى حديثاً عن الحسن بن صالح، ثُمَّ قال مَا أخاف عَلَى رجل من شيء خوفي عَلَيْهِ من كلامه فِي الحسن بن صالح فوقع لي أنه أراد شُعبة، فقُمْتُ وقلت: لا أجلس فِي مجلس يُعرَّض فِيهِ بأبي بِسْطام. ثُمَّ رجعتُ إِلَى نفسي فقلت هَذَا قاضي الآفاق، ووزير أمير المؤمنين، وزميله فِي حجِّهِ، وَمَا يَضُرُّهُ غضبي، فرجعتُ وجلستُ حَتَّى فرغ المجلس. فأقبل عَلَيَّ إقبالَ رَجُلٍ مَا كَانَ لَهُ هَمٌّ غيري، فقال: يَا هشام، وإذا هو يُثنيني لأنّي كنت عنده ببغداد، والله مَا أردتُ بأبي بسطام سوءاً.
وهو فِي قلبي أكبر منه فِي قلبك فيما أرى. ولكني لا أعلم أني رأيتُ رجلاً مثل الحسن بن صالح. قال بكّار: فذكرت ذَلِكَ لهلال الرَّأْي فقال: أنا والله أجبتُ أبا يوسف عن مسألة الخاتم.
وقال محمد بن شجاع البلخي سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعتُ أبا يوسف يقول: القرآن كلام الله، مَن قال كَيْفَ؟ ولِمَ؟ وتعاطى مجادلة فِيهِ استوجب الحبس والضَّرْبَ المبرح. ولا يُفلح مَن استحلى شيئاً من الكلام. ولا يُصَلَّى خلف مَن قال: القرآن مخلوق.
وقال أبو خازِم القاضي: سمعتُ بن موسى قاضي هَمذَان، يحدث عن بِشْر بن الوليد قال: كَانَ أبو يوسف إِذَا ذُكِر محمد بن الحسن يقول: أيّ سيف هو، غير أن فِيهِ صَدَأ يحتاج إِلَى جِلاء. وإذا ذُكر الحَسَن بن زياد اللؤلؤي يقول: هو عندي كالعَطّار إن سألته يعطيك مَا يُسْهلْ ويعطيك مَا يمسِك. وإذا ذكر بشر بن الوليد