والذي بلغه عن غير ابن الأكفاني فِي كونه كَانَ ينوب عن أبيه بمصر صحيح، وَمَا عدا ذَلِكَ القول قول ابن زولاق لأنه أعلم بأهل بلده.

قال أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي يمدح محمد بن عبد الله بن محمد الخصيب المصري القاضي وهو يومئذ قاضي أنطاكية فقال:

أفاضِلُ الناسِ أغراضٌ لذا الزَّمن ... يخلو من الهمّ أَخْلاَهُمْ من الفِطَنِ

وَإِنَّمَا نَحْنُ فِي جِيلٍ سَواسِيّةٍ ... شَرٌّ عَلَى الحرِّ مِنْ سُقْمٍ عَلَى بَدَنِ

حَوْلِي بِكُلِّ مكان مِنْهُم خِلْقٌ ... تُخْطى إِذَا جئتَ فِي استفهامها بِمَنِ

لا أَقْتَري بَلَداً إِلاَّ عَلَى غَرَرٍ ... وَلا أَمُرُّ بِخَلْقٍ غَيرِ مُضْطَغنِ

وَلاَ أُعَاشِرُ مِنْ أَمْلاكِهِمْ أحَداً ... إِلاَّ أَحَقَّ بِضَرْبِ الرَّأْسِ من وَثَنِ

إني لأعْذِرهم هم مِمَّا أُعَنِّفُهُمْ ... حَتَّى أُعَنِّفُ نَفْسِي فِيهِمُ وأنِي

فقر الجهول بلا عقل إِلَى أدب ... فقر الحمار بلا رأس إِلَى رسن

وَمُدْقِعِينَ بَسُبْرُوتٍ صَحِبْتُهم ... عَارِينَ مِنْ حُلَلٍ كَاسِينَ مِنْ دَرَنِ

خُرَّابِ بَادِيَةٍ غَرْثَيَ بُطُونُهُمُ ... مَكْنُ الضَّبَابِ لهمُ زَادٌ بِلا ثَمَنِ

يَسْتَخْبِرُونَ فَلاَ أُعطِيهمُ خبرِي ... وَمَا يَطِيشُ لهم سَهمٌ مِنَ الظِّننِ

وخَلَّةٍ فِي جَلِيسٍ أتَّقِيهِ بِهَا ... كَيما يُرَى أننا مِثلانِ فِي الوَهَنِ

وكلْمَةٍ فِي طَريقٍ خِفْتُ أعْرِبها ... فيُهْتَدَى لي فلم أَقْدرْ عَلَى اللَّحَنِ

قَدْ هَوَّنَ الصَّبْرُ عِندي كل نازِلةٍ ... وَلَيَنَ العَزْمُ حَدَّ المَرْكَب الخشِن

كمْ مَخْلصٍ وعُلاً خوْض مهلكةٍ ... وَقَتْلَةٍ قُرِنَتْ بالذمّ فِي الجُبُنِ

لا يُعجِبَنَّ مَضِيماً حُسْنُ بِزَّتِهِ ... وَهَل يَرُوق دَفِيناً جَوْدَةُ الْكَفَنِ

لله حالٌ أُرَجِّيها وتُخْلِفُنِي ... وَأَقْتضي كَوْنها دَهْري وَيمْطُلُني

مَدَحْت قوماً وَإن عشنا نظمتُ لهمْ ... قَصَائداً من إِناثِ الخيل والحُصُنِ

تَحْتَ العَجاجِ قَوافيها مُضَمَّرةً ... إِذَا تُنُوشِدْن لَمْ يَدْخُلْن فِي أُذنِ

فَلاَ أُحارِبُ مَدْفُوعاً عَلَى جُدُرٍ ... وَلاَ أُصَالِحُ مَغْرَوراً عَلَى دَخَنِ

مُخَيَّمُ الجَمْع بالبَيْدَاء يَصْهَرُهُ ... حَرُّ الهَوَاجِرِ فِي صُمٍّ مِنَ الفِتَنِ

ألقى الكرامُ الأَولى بادوا مكارِمَهُمْ ... عَلَى الخَصِيبيّ عند الفرضِ والسُّنَنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015