فِي الغالب، وكان إِذَا بلغه أن أحداً سعى فِي قضاء مصر دبّر عَلَيْهِ المكايد واحتال عَلَيْهِ بكل حيلة إِلَى أن يبالغ فِي أذاه.
فبلغه أن أحمد بن إبراهيم الأندلسي أحد العدول بمصر سعى من بغداد، فدبّر عَلَيْهِ مكيدة عند كافور حَتَّى قبض عَلَيْهِ وهَمّ بقتله، وكذلك صنع بأبي بكر محمد ابن طاهر النقيب، ولولا أن أبا جعفر مسلماً العلوي توسَّط فِي أمرهما لَهَلَكا. ثُمَّ زاد أمر الولد فِي مخالفة أبيه حَتَّى تَبَايَنَا وتَعَادَيا وتَعَانَدَا فِي كل شيء، حَتَّى كَانَ الأب إِذَا قرَّب أحداً أبعده ابنه وبالعكس.
وانقطع الابن إِلَى كافور، وتولّى لَهُ عمارة داره وقال لَهُ: أنا ألبس الدُّرَّاعة ولا أريد القضاء. ووقع الإرجاف بمصر بوصول توقيع الأندلسي من بغداد، فاتفق أن مات ووصل التقليد بعد موته بخمسة أيام، وكذلك اتفق لمحمد بن طاهر المذكور من فجأة الموت، لكنه لَمْ يردْ لَهُ توقيع. وَكَانَ موت أحمد بن إبراهيم سنة اثنتين وأربعين، وموت محمد بن طاهر سنة ست وأربعين.
وقال ابن زولاق: إن الابن كَانَ فِي الغاية فِي قلة الدين وصَفَاقة الوجه.
قلت: وقع لابن عساكر فغي تاريخه الكبير مع سعة اطلاعه فِي ترجمة الخَصِيبِيّ هَذَا تقصير كبير فإنه قال مَا نصّه: محمد بن عبد الله بن الخَصيب ولي قضاء دمشق نيابة عن أبيه بن محمد، وَكَانَ أبوه يلي القضاء عَلَيْهَا من قِبَل المطيع لله أبي القاسم الفضل بن جعفر.
ذكر أبو محمد ابن الأكفاني أن عبد الله بن محمد بن الخصيب ولي القضاء بمصر فِي أيام المطيع فِي سنة أربعين وثلاثمائة إِلَى أن توفي فِي تاسع المحرم سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وولي ابنه محمد بن عبد الله فأقام ينظر شهراً ثُمَّ اعتلّ، ومات لستّ خلونَ من شهر ربيع الأول كذا قال ابن الأكفاني.
وبلغنا من وجه آخر أن محمد بن عبد الله كَانَ يقضي بمصر خليفة لأبيه فِي حياته وأبوه يحضر معه إِلَى أن مات فِي يوم الأربعاء لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة بعد وفاة أبيه بخمسة وأربعين يوماً هَذَا آخر كلامه.