قال وأنشدني لنفسه:

سَلَّتْ عَلَيْكَ سيوفَهَا الأَجْفَانُ ... وتمايلتْ بك للهوى الأغصانُ

وتعطَّفَتْ بك للمعاطف رِقَّةٌ ... أمستْ تُقِرُّ لَهَا الصَّبا والبَانُ

الله من تِلْكَ الجفونِ وسِحْرِها ... يَا نائماً وغرامُه يَقْظَانُ

ومن نوادره أن خصمين تقدما إِلَيْهِ، فقال المدعي: قَدِم هذا من سفَر فقدمت إِلَيْهِ كذا وكذا زبدية من طعام. ثُمَّ قدمت من سفر فلم يقدم لي شيئاً. فقال: يَا وَفِي الدولة، اسمع مَا يقول كريم الدولة، فتبسم من حضر.

ومن نوادره أن القاضي شمس الدينِ ابن خَلِّكان استشفع عنده أن يوليه نيابة الحكم فامتنع، وقال لا خَلَّ كَانَ ولا عَسَلَ صار. فاتفق أن البدر السِّنْجَارِيّ لما قدم إِلَى القاهرة وخشي أبو المكارم أن ينضم ابن خَلِّكان عن نادرته فقال: لا شرقية ولا غربية. ثُمَّ قدم السنجاري فكان مَا ظنه أبو المكارم.

ولما صرف العماد ابن السكري أشار صدر الدين ابن شيخ الشيوخ عَلَى الكامل أن يقسم العمل شطرين، فولي ابن عين الدولة القاهرة والوجه البحري. وابن الخراط مصر والوجه القبلي، فلما صرف ابن الخراط فِي قضية ابن مرزوق، أضيف عمله إِلَى ابن عيد الدولة، فاستكمل القضاء بالديار المصرية، وذلك فِي سنة سبع عشرة وستمائة، وجمع لَهُ أبو الغيث منهال ابن عوز القضاة محمد بن منصور ابن منهال (سيرة) فِي مجلد وقال فِيهَا: كَانَ عالماً بأمور الشريعة مطلعاً عَلَى غوامضها بصيراً بالأحكام عارفاً بالسياسة حافظاً للقرآن ذاكراً للعلوم مستحضراً لأيام العرب ملازماً للصيام كثير الصدقة.

أسند الحديث عن السِّلَفي، وابن عوف. وَكَانَ يعرف الأنساب وأين العرب من أبدع الناس خَطّاً وأصحهم ضبطاً، وَكَانَ محاضره يستفيد منه أكثر مما يفيد، مع الورع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015