وكثرة الذكر فِي الخلوة، وموالاة الصيام والصدقة، لا يدخر شيئاً، ولا يعتني بلباس ولا غيره، لَهُ سجادة خضراء ومشط ومسبحة ومقراض وسواك، وبِذْلَةٌ واحدة إِذَا اتسخت غسلها ليلاً.

وَقَدْ أضيف إِلَيْهِ الحكم فِي عدة بلاد من الشام منها: غزة والخليل وبانياس وطَبَرية ودمياط وقَطيا ويَنبع. كل ذَلِكَ بعد الثلاثين، وَلَمْ يزل عَلَى حاله إِلَى سنة وفاته، فإن الملك الصالح أفرد عنه مصر والوجه البحري وولاها للبدر السِّنْجارِيّ وذلك فِي سنة سبع وثلاثين وستمائة، واقتصر فِيهِ عَلَى القاهرة إِلَى أن مات فِي تاسع ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وستمائة.

محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن سعد المَقْدِسي القاضي شمس الدين ابن الدَّيْري الحنفي أبو عبد الله.

ولد سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وقال مرة: سنة أربع وأخرى سنة ثلاث وأخرى سنة اثنتين. وَكَانَ يذكر أنه اختلف عَلَيْهِ قول أبيه وأمه، وَكَانَ أبوه تاجراً وحبّب إِلَيْهِ هو الاشتغال، فقرأ ببلده، ثُمَّ رحل إِلَى الشام وَلَمْ يكن لَهُ التفات إِلَى الحديث لا رواية ولا دراية.

وحدث بالبخاري عن تاج الدين المقدسي بسماعه من الملك الأوحد، وست الوزراء، فغلطوه وقالوا: إنما سمعه من وَزِيرَةَ والحَجّار، ووجد سماعه للثلاثيات وبعض الكتاب فقط، ومهر فِي مذهبه واشتهر بقوة الجَنَان وطَلاَقة اللسان والقيام فِي الحق.

ودخل القاهرة مراراً، وَكَانَ حسن القامة، مهاب الخِلقة، فلما مات ناصر الدين محمد بن العديم وكان أمر التَّفَهْنِيّ أن يتم، طلبه المؤيد فحضر من القدس، وولي القضاء فِي سنة تسع وثمانمائة، ثُمَّ صرف فِي ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة فولي التَّفَهْنِيّ، واستقر فِي مشيخه المؤيدية إِلَى أن مات ببيت المقدس فِي ذي الحجة سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، وَكَانَ دَخَله زائراً لأهله رحمه الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015