كَانَ مَا تقدم قَول جَمَاهِير الْعلمَاء فِي أَن أَحْكَام الله تَعَالَى معللة بالحِكم والمصالح وأدلتهم، وضرورة معرفَة هَذِه الْمصَالح.
وَقد أنكر التعليلَ بعضُ أهل الْعلم مِنْهُم الرَّازِيّ والأشاعرة والظاهرية.
قَالَ ابْن النجار الْحَنْبَلِيّ:2 "وفِعْله تَعَالَى وَأمره، لَا لعِلَّة وَلَا لحكمة، فِي قَول اخْتَارَهُ الكثيرون من أَصْحَابنَا ... وَاخْتَارَهُ الظَّاهِرِيَّة والأشعرية والجهمية".
وَقَالَ الشاطبي عَن الرَّازِيّ: "وَزعم الرَّازِيّ أَن أَحْكَام الله لَيست معللة بعلة أَلْبَتَّة كَمَا أَن أَفعاله كَذَلِك"3.
وَأما الظَّاهِرِيَّة فقد أَنْكَرُوا التَّعْلِيل جملَة وتفصيلاً، وهم أوضح قولا وَأقوى خُصُومَة مِمَّن أَنْكَرُوا التَّعْلِيل ودافعوا عَن التَّعَبُّد الْمَحْض للشريعة، وَقد خصص أَبُو مُحَمَّد بن حزم بَابا كَامِلا فِي كِتَابه (الإحكام) لهدم فكرة التَّعْلِيل، وَقَالَ: "الْبَاب التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ فِي إبِْطَال القَوْل بالعلل فِي جَمِيع أَحْكَام الدّين" وَنسب هَذَا الْإِنْكَار إِلَى جَمِيع الظَّاهِرِيَّة قبله حَيْثُ قَالَ: "وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان – يَعْنِي: دَاوُد الظَّاهِرِيّ - وَجَمِيع أَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم: لَا يفعل الله شَيْئا من الْأَحْكَام وَغَيرهَا لعِلَّة أصلا بِوَجْه من الْوُجُوه ... وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد: وَهَذَا هُوَ ديننَا