ان حامدا لما خَافَ من عَليّ بن مُحَمَّد بن الْفُرَات فِي وزارته الثَّالِثَة أصعد من وَاسِط إِلَى بَغْدَاد مستترا وَدخل دَار السُّلْطَان بزِي الرهبان متنكرا وَاسْتَأْذَنَ على نصر القشوري فَلَمَّا أوصله إِلَيْهِ وَرَآهُ نصر لم يقم إِلَيْهِ وَلَا وفاه من الْحق مَا كَانَ يُوفيه أَيَّاهُ، لكنه قَالَ: إِلَى أَيْن جِئْت قَالَ: جِئْت بكتابك قَالَ: إِلَى هَذَا الْموضع كاتبتك بِأَن تَجِيء وَاعْتذر إِلَيْهِ من تَقْصِيره بِهِ، وَقَالَ لَا يمكنني مَعَ مَا أعرفهُ من تنكر الْخَلِيفَة عَلَيْك ان أتجاوز مَا وقفت عِنْده.
وَإِذا اتّفق يَوْم الموكب حضر حَاجِب الْحجاب بأكمل لِبَاسه من القباء الْأسود المولد والعمامة السَّوْدَاء وَالسيف والمنطقة وقدامه الْحجاب وخلفاؤهم وَجلسَ فِي الدهليز من وَرَاء السّتْر وَحضر الْوَزير وأمير الْجَيْش وَمن لَهُ رسم فِي حُضُور الموكب فَإِذا تَكَامل النَّاس راسل الْخَلِيفَة بِذَاكَ فَإِن أَرَادَ ان يَأْذَن الْإِذْن الْعَام خرج الْخَادِم الحرمي الرسائلي فاستدعى حَاجِب الْحجاب وَدخل وَحده حَتَّى يقف فِي الصحن وَيقبل الأَرْض ثمَّ يرسم لَهُ إِيصَال الْقَوْم على مَنَازِلهمْ فَيخرج وَيَدْعُو ولي الْعَهْد ان كَانَ فِي الْوَقْت ولي عهد وَأَوْلَاد الْخَلِيفَة ان كَانَ لَهُ ولد ثمَّ يدْخل الْوَزير