وتمادي المصاحبة ودع التبجح بكفاية ان كَانَت فِيك أَو الْمُطَالبَة بِمَا تَقْتَضِيه آمالك ودواعيك فَإِن زِيَادَة الدَّالَّة مفْسدَة للْحُرْمَة ومواصلة الإستزادة مجلبة للبغضة وَقد حُكيَ ان الْمَأْمُون صلوَات الله عَلَيْهِ عرض على الْمُعَلَّى بن أَيُّوب عملا يقلده إِيَّاه فاستعفاه مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: الخائن أسهل أمرا عَليّ من الْأمين، لِأَنَّهُ لَا يدل وَلَا يتسحب. وَقَالَ الْمَنْصُور، صلوَات الله عَلَيْهِ فِي أبي مُسلم (2) ، أدل فأمل واوجف فأعجف وَقَالَ فِي خطبَته يذكرهُ: وَلم يمنعنا وجوب الْحق لَهُ من إِيجَاب الْحق عَلَيْهِ.
وَحدث عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر قَالَ: كنت بِحَضْرَة عبيد الله بن سُلَيْمَان فَرمى إِلَى برقعة وَقَالَ: أما ترى هَذَا التَّصْرِيح والتهجين الْقَبِيح فَنَظَرت فِيهَا فَوَجَدتهَا رقْعَة حمد بن مُحَمَّد الْكَاتِب وَقد ضمنهَا:
(بَيْننَا حُرْمَة وعهد وثيق ... وعَلى بَعْضنَا لبَعض حُقُوق)
(فاغتنم فرْصَة الزَّمَان فَمَا يدْرِي ... مطيق منا مَتى لَا يُطيق) فَقلت: الْوَزير أيده الله مُنْتَهى الآمال وحقيق بِالْإِحْسَانِ والأفضال قَالَ: إِلَّا ان الدَّالَّة رُبمَا أخرجت إِلَى الْخرق وغيرت