السجون فجعل جسمه سجنا لنفسه، وبيته سجنا لشخصه، وعماه سجنا لبصره، لأنه كان يرى أن النفس معذبة بكونها في الأجسام، وأن رأحتها في مفارقتها عند الحمام. وبنحو من هذا المنزع سمى نفسه رهين المحبسين.
وقد كرر هذا المعنى في مواضع كثيرة من شعره استحسانا له، وإن لم يستوف هذا الغرض كله. فمنها قوله:
(أتحدث للأرواح راحة مطلق ... إذا فارقن، إن الجسوم سجون؟ )
ومنها قوله:
(أتأسى النفس للجثمان تبلى ... وهل يأسى الحيا لفراق دجن)
(وما ضر الحمامة كشر ضنك ... من الأقفاص كما أصر سجن)
ووجدنا من لحنك وتصحيفك أنك لماوصلت إلى قول المعري:
(ولولا حفاظي قلت للمرء صاحبي ... [بسيفك] قيدها فلست أبالي)