تعالى-// لو ارتفع وعدم لم يكن شيء موجودًا، وكما أن الأعداد كلها لو ارتفعت لم يوجب ارتفاعها عدم الواحد، كذلك الموجودات كلها لو ارتفعت لم يوجب ذلك ارتفاع البارئ- تعالى-، فثبت بهذا أن البارئ- عز وجل- غني عن العالم والعالم مفتقر إليه، وكما أن وجود الواحد وجود مطلق، أعني أنه لا يحتاج في وجوده إلى غيره، ووجود الأعداد كلها وجود مضاف، [أعني أنها غير مستقلة بأنفسها في وجودها] لأن وجودها مقتبس من وجوده، فائض عنه، وكما أن الأعداد كلها اكتسبت الوجود من الواحد من غير حركة ولا زمان ولا مكان، ولم يحتج الواحد في إيجادها إلى شيء آخر غير ذاته، فكذلك حدوث الموجودات عن الباري- تعالى- بغير حركة ولا زمان، وبغير مكان، وبغير أدوات، ومن غير أن يحتاج في إيجادها إلى شيء غيره، وكما أن الواحد لا يوصف بأنه تقدم الأعداد بالزمان، ولا يبطل ذلك بأن تكون الأعداد محدثة عنه، فكذلك لا يوصف الباري- سبحانه وتعالى- بأنه تقدم العالم بالزمان، ولا يبطل ذلك أن يكون العالم محدثًا عنه لا يوصف، وكما أن الواحد لم يتغير عن الوحدانية بكثرة ما حدث من الأعداد عنه، ولم يوجب ذلك تكثرًا في ذاته ولا استحالة في جوهره، فكذلك حدوث العالم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015