كانت أذهان الجمهور تنبو عن فصها وعقولهم تقصر عن علمها، ويرون أن في معرفة نشوء العدد من الواحد ونسبته إليه وانعطافه عليه، وكمال مراتب الأعداد التسعة عليه معرفة العالم وكيف وجد عن الباري- تعالى- قالوا: وليس يمكن الإنسان أن يعلم حدوث الموجودات وانبعاثها عن الباري- تعالى- بطريق أقرب من طريق العدد، وقد علم الباري- جل جلاله- أن العقلاء المستعدين بفطرتهم الشريفة لقبول الحكمة سيفكرون في حدوث الموجودات عنه، فلا يقدرون على تصور ذلك لأن الإنسان لا يمكنه أن يتصور حدوث شيء إلا من هيولى، وفي زمان، وفي مكان، وبحركة وآلات وأدوات ووجود الموجودات عن الباري- تعالى- ليس هكذا لأن [هذه] الأشياء كلها محدثة مبدعة، حدثت كلها معًا فجعل الباري- عز وجل- لمعرفة ذلك طريقًا أسهل من هذه الطريق، وهو الاعتبار بنشوء العدد عن الواحد، فكما أن الواحد علة لوجود العدد وليس من العدد، فكذلك البارئ- جل جلاله- علة لوجود العالم، وليس من العالم، وكما أن الواحد لو توهم ارتفاعه وعدمه لارتفعت الأعداد كلها، وعدمت، فكذلك الباري-