إن شاء الله [تعالى].
// ثم تلي مرتبة العقل الفعال في الوجود مرتبة النفس، وهي موافقة للعقول المجردة من المادة في أنها ليست بجسم، كما أن تلك ليست أجسامًا، وهي مخالفة لها في أنها توجد مع الجسم وتقترن به فأكسبها ذلك كدرًا وظلمة، ولذلك صارت نفس الإنسان تجهل ذاتها ولا تراها حتى تستضيء بنور العقل، وهي في ذلك بمنزلة رجل حصل في ظلمة فهو لا يرى جسمه ولا غيره، فإذا أضاء له الجو وسرى في عينه نور الشمس رأى حينئذ جسده وما حوله من الجسمان كذلك النفس تمنعها ظلمة الجهل من رؤية ذاتها ورؤية الصور العقلية المجردة، فإذا أفاض عليها العقل نوره رأت ذاتها وغيرها من المعقولات، ولها مراتب كثيرة كما كان للعقول المجردة المذكورة مراتب، فمن الحكماء من رأى أن مراتبها اثنتا عشرة: تسع للأفلاك، وثلاث لما تحت فلك القمر، وهي: النفس النباتية، والنفس الحيوانية، والنفس الناطقة.
ومنهم من جعلها خمس عشرة مرتبة: تسع للأفلاك، وخمس لما دون فلك القمر،