المادة مثلها، وإنما فصلوه منها وجعلوا لها مرتبة عاشرة على حدة لوجهين:
أحدهما: أن الثواني التسعة موكلة بالأفلاك التسعة، والعقل الفعال موكل بعالم العناصر، والوجه الثاني: أن هذا العقل الفعال تسري قوته في الأجرام الناطقة التي دون فلك القمر، كما يسري نور الشمس وعنه يحصل النطق في كل مكون مشعر لقبول القوة الناطقة، وكل ما تجوهر من الموجودات الطبيعية فهو به ملحق، وهذا المعنى ليس بموجود في الثواني.
وذكروا أن فيض العقول المجردة عن المادة انقطع عن العقل الفعال، وليس بعد مرتبته إلا مرتبة النفس الناطقة، وإنما وجب أن ينقطع فيض العقول المجردة عنده؛ لأنه اجتمعت فيه قوى العقول التسعة كلها فصار مبدأ لما دونه من الموجودات، كما اجتمعت قوى الآحاد التسعة من العدد في العشرة فصارت بذلك مبدأ لما بعدها من العشرات، ولذلك جعلوا هذا العقل المجرد عن المادة في مرتبة الاثنين، والثلاثين في مرتبة الثلاثة، حتى تصير التسعون في مرتبة التسعة، فينتهي وجود العشرات في التسعين وتصير المائة في مرتبة واحدة، وسنزيد هذا بيانًا عند ذكرنا دوائر الأعداد الوهمية،