تعالى- على هذه الصفة، كان كمال كل موجود على قدر مرتبته منه في الوجود، فكان أكملها وجودًا أقلها نقصًا في الوجود، فكان أكملها في المرتبة الاثنين تمثيلاً وتقريبًا- كما قدمنا- من العدد في ذلك، ثم الثالث أنقص من الثاني، ثم الرابع أنقص من الثالث، وهكذا لم تزل الموجودات تنقص مرتبة مرتبة على قدر بعدها من المرتبة الأولى، حتى انتهت إلى أنقصها مرتبة الذي لا أنقص منه، إذ كانت مراتب الموجودات متناهية، وكان إثبات ما لا نهاية له بالفعل من المحال قطعًا، إنما يصح إثباته بالقوة والإمكان، ثم تنعكس الموجودات متصاعدة من أدناها مرتبة إلى أعلاها، إلى أن تنتهي إلى أكمل المراتب التي جعل لها بالطبع أن تبلغها، وتسلك في تصاعدها المسلك الذي سلكته في تسافلها، أعني ألا تصعد إلى المرتبة الثانية إلا بعد الأولى، ولا إلى الرابعة إلا بعد الثالثة، بيان ذلك أن البارئ- تعالى- له المرتبة الأولى من الوجود، وهو متوحد بوجوده، لا يشركه في وجوده شيء، كما لا