(كلا يومي طوالة وصل أروى ... ظنون إن مطرح الظنون)
فقدم (كلا) وهو صلة (ظنون) الذي هو خبر المبتدأ، فصار المبتدأ// الذي هو (الوصل) متوسطاً بين جزأي خبره. فإن قلت: من أين فر أبو علي من أن يكون ظرفاً للوصل دون أن يكون ظرفاً لـ (ظنون)، فلا يحتاج إلى ما ذكره من كون المبتدأ متوسطاً بين جزأي خبره، وذلك ممكن فيه شائع؟ فالجواب أن الوصل مصدر في مثل هذا يقدر بـ (أن) الخفيفة والفعل، فلو جعل (كلا) ظرفاً للوصل كان قد قدم الصلة على الموصول، وذلك خطأ. وأيضاً فإن الشاعر لم يرد أن الوصل وقع في كلا اليومين، وإنما وقعت فيهما الظنة، فقد صح بما ذكرناه ما قاله الكوفيون، إنما يكون ترتيب هذه المسألة إذا كان (زيد) مبتدأ لا فاعلاً، لأن الفاعل لا يتقدم على فعله. على أن الكوفيين قد أجازوا تقديم الفاعل في الشعر، وأنشدوا:
(ما للجمال مشيها وئيداً)
وقالوا: التقدير: وئيداً مشيها، وذلك خطأ عند البصريين. وزعم بعضهم أن (وئيداً) حال تسد مسد خبر المبتدأ، وشبهه بقولهم: ضربي زيداً قائماً، وهو أيضاً غير صحيح؛ لأنه ليس مثله. وقيل: وئيداً حال من المشي والخبر محذوف كأنه قال: مشيها وئيداً واقع، أو كائن، وهذا أقرب إلى الجواز. ومن خفض (مشيها) جعله بدلاً من (الجمال)، ومن نصبه فعلى المصدر، وإنما