زيد، فيجوز أن يباشر الكتابة بيده، ويجوز أن يكتب عنه بأمره. فإذا أردت رفع المجاز قلت: كتب زيد بنفسه، وكذلك قوله تعالى: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ} [النحل 26: 16] وليس هنالك إتيان في الحقيقة؛ لأن الله تعالى لا يوصف بالانتقال، لأن الانتقال للمحدثات، جل عن قول الجاهلين، وإنما معناه: فعل في البنيان فعلاً فهو إتيان فعل لا إتيان ذات. ومما يرفع به المجاز عندنا المصادر إذا أكدت بها الأفعال، كقولنا: ضربت ضرباً، وقتلت قتلا؛ ولأجل ما ذكرناه استدل أهل السنة _رحمهم الله_على أن تكليم الله لموسى_ عليه السلام_ حقيقة لا مجاز بقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء 164: 4] فإن قال قائل من المعتزلة المخالفين لنا في هذا: قد جاء في الشعر ما ينقض عليكم هذه الدعوى، وهو قول الشاعر:
(بكى الخز من روح وأنكر جاره ... وعجبت عجيجاً من جذام المطاف)
الجواب عنه من وجهين: أحدهما: أن الشاعر قصد المبالغة// في الهجو فجعل عجيج المطارف كالحقيقة لذلك، كما يقول القائل: زيد كالحمار، فيقول له الآخر: هو الحمار بعينه، وقد علم أنه ليس الحمار بعينه في الحقيقة، ولكنه جعله إياه مبالغة. وكذلك يقولون: هند القمر، وزيد الأسد، فيسقطون الحرف الدال على المماثلة والمشابهة ويجعلون الأول الثاني مبالغة، فهذا أحد الجوابين.