(فصل)
وأما قول الأحمر ومن رأى رأيه: إن (عمراً) من قولنا: (ضرب زيد عمراً) ينتصب بالمعنى؛ فإنه أضعف الأقوال وأوهاها؛ لأن المعاني لا تنصب عندنا، إنما ترفع المعاني وذلك في موضعين من الكلام، أحدهما: الابتداء، والآخر: الفعل المضارع. وقد تنصب المعاني المفعول فيه على وجه آخر غير الوجه الأول، وهي الظروف والأحوال. وأما المفعول به؛ فلا يجوز ذلك عند البصريين. قال أبو علي: «ويبين فساد قول الأحمر أن الفاعل يرتفع إذا أسندت// الفعل إليه حدث المعنى في الحقيقة أو لم يحدث. ألا ترى أنك تقول: قام زيد في حال الصدق والكذب. وكذلك تقول: لم يقم زيد فيرتفع وإن كان لم يفعل في المعنى شيئاً. وتقول: لم يضرب زيد عمراً، فتنصب عمراً وإن كان زيد لم يفعل به في المعنى شيئاً، فبطل ما قاله وصح قول سيبويه». هذا قول الفسوي. وقول الأحمر عندي ينحو نحو قول هشام وقد تقدم ذكره، وغرض كل واحد منهما قريب من غرض الآخر.
(فصل)
[وأما] سؤالك الثاني: وهو قولك: إذا قلنا: ضرب زيد عمراً، فهل هذا الكلام حقيقة أم مجاز؟ فأقول: إنه مجاز لا حقيقة، وإن المجاز يدخله من خمسة أوجه لا من وجه واحد؛ فمنها: أن (زيداً) يجوز أن يباشر ضرب عمرو بنفسه، ويجوز أن يأمر غيره بضربه فينسب الضرب إليه؛ لأنه أمر به، وإن كان غيره هو الذي تولاه دونه. كما يقال: ضرب السلطان فلاناً ألف سوط، أي: أمر بضربه، وقطع السلطان يد فلان؛ أي أمر بذلك من المجاز لا يختص المسألة وحدها، بل هو جائز في كل فعل حدث به عن الفاعل، ولأجل هذا احتيج إلى وضع التوكيد في الكلام، تقول: كتب