فارغة فهى مخربة؛ ويقال للثقب المهيّأة من الشّمع التى تمجّ العسل فيها:
النخاريب، واحدها: نخروب.
وفي لطف حسن النّحل أعجوبة قد تحيّر فيها قدماء العلماء، وذلك أنه إذا أزمع شتاء شات بالكون، أو مطر من غير أن يرى الناس لذلك أمارة، ترى النّحل قبل كون ذلك ساكنة في داخل الخليّة، فيعلم قوّامها- بطول التجارب- أن قد اقترب شتاء، وبرد، ومطر. وكانت العرب تعلم أن بردا قد اقترب وقوعه، أو جرادا قد دنا مجيئه بما يرون من حال النّحل، وذلك أنهم يرونها قبل أن يكون ذلك فاترة عن العمل، كأنها قد اعتراها كسل وانكسار، فعند ذلك يترقّبون أن سيكون برد أو جراد فيكون كذلك «1» .
والبرد، والجراد، مضران بالنحل، وأضرّهما الجراد؛ لأنه يلحس «2» الأرض فتهلك النّحل.
وكفى عجبا بما تراه من أنك إذا فتحت وعاء العسل في بيت ضيّق وعلى بعد منك خلايا نحل، فما تشعر بأول من هجوم النّحل عليك، وفي البيت بيوت أخر بها أناس لم يشعروا بفتح ذلك الوعاء.
وكذلك الخليّة إذا حوّلت من أرض إلى أخرى لم تعرفها نحل تلك الخلية قط، فإذا نصبت في تلك الأرض الغربية، ثم فتحت وذهب النحل منها في تلك الأرض المجهولة من كلّ وجه، فإنها تئوب إلى خليتها بعينها، لا تخطئها، ولا تضل عنها، وربما حملت الخلايا في بعض البلدان- إذا أجدبت المراعى- إلى بلدان أخر شاسعة لطلب المرعى، ثم تطلق عنها فتسرح في تلك البلاد، وتعمل أعمالها من غير تدريب ولا تدريج كما كانت تعملها من قبل، ثم لا تغلط نحلة فتدخل في خلية غير خليتها والخلايا متلاصقة أو مجاورة، وفي كل هذا عبرة وأعجوبة.