رسائل المقريزي (صفحة 255)

سائر أنهار الأرض، وتخرج من جهة الجنوب وتمر إلى الشمال، ولهذا علل لا يحتمل هذا الموضع إيرادها فاستعار هذا الملغز لمرور مياه الأنهار نحو الغرب، وذكره الليل لا يلزم منه الاختصاص دون النهار، وهذه مسألة من مسائل أصول الفقه، وهى: أن التنصيص على الشىء باسمه العلم لا يدلّ على الخصوص لقوله صلى الله عليه وسلّم:

«الماء من الماء» «1» ومعنى الحديث الغسل بالماء من إنزال المنى «2» ، ولا يلزم منه اقتصار الغسل على نزول المنى، بل يلزم منه ومن الإيلاج، وفي هذه المسألة خلاف قديم ولشرحها موضع معروف من كتب الفقه.

وقوله: «ويسجد طول دهره لسهيل «3» » فهذا أعوص مما قبله لكن نبيّنه فنقول: سهيل أحد الكواكب الثابتة التى تعرف بالبيانية «4» ، وهو أبدا لا يرى إلا في ناحية الجنوب، ومتى تركت عراق الغرب وراءك وسرت لا تراه، ويصير بتلك الأقطار الشمالية أبدا الخفاء، كما هو جهات الجنوب أبدى الظهور.

وفي إقليمى مصر والشام يرى محاذيا للأفق أحيانا، ويخفى أوقاتا، والسحب إنما تنشأ من البخار دائما، وهى مركبة من بخارين فتصير عند انتشائها تواجه سهيلا؛ لأن ناحية الجنوب حيث مدار سهيل ليس فيها بخار «5» كما تقرر في موضعه من العلم الطبيعى، ولا يعترض بما يشاهد من بلاد الشام وما وراءها من الشمال والمشرق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015